إهمال طبي أم خطأ قاتل؟ كيف دخلت همسة في غيبوبة؟
كتب: السيد عيد
في قصة مأساوية تلخص معاناة العديد من الأسر مع الأمراض النادرة والبيروقراطية الطبية، يروي والد الطفلة “همسة” تفاصيل رحلة علاجها، التي تحولت من أمل إلى معاناة، بعد أن رُزق بها هو وزوجته عقب 12 عامًا من المحاولات الطبية والعلاج، لتصبح ضحية للإهمال الطبي والتعنت الإداري الذي يحرمها من العلاج اللازم.
بداية القصة: حلم تحقق بعد 12 عامًا
بعد ثلاث عمليات حقن مجهري ومحاولات علاجية استمرت لسنوات، رُزق السيد هاني محمد شمس الخناني، من قرية طه شبرا بمحافظة المنوفية، بابنته “همسة” بشكل طبيعي، ما جعلها معجزة طال انتظارها. كانت طفلة طبيعية مثل أي طفل آخر حتى بدأت تظهر عليها بعض الأعراض في شهرها الخامس، إذ لم تكن قادرة على تثبيت رقبتها.
رحلة البحث عن التشخيص والعلاج
بدأت الأسرة في البحث عن تفسير لحالة الطفلة، وخضعت لفحوصات طبية، من بينها رسم عصب وعضلات، والذي جاءت نتيجته إيجابية، ما استدعى تحويلها إلى اللجنة الثلاثية للكشف عن حالتها بشكل أكثر دقة. بعد إجراء تحليل جيني، تبيّن أن الطفلة تعاني من مرض ضمور العضلات الشوكي (SMA)، وهو مرض وراثي نادر يسبب ضعفًا شديدًا في العضلات ويؤثر على الحركة والتنفس.
في 19 سبتمبر 2024، تم تحويل الطفلة إلى اللجنة العليا بمستشفى المقطم، ومن هناك إلى مستشفى أبو الريش للأطفال، حيث أصيبت بالتهاب رئوي استدعى نقلها إلى المستشفى للعلاج.
إهمال طبي يدخل الطفلة في غيبوبة
في يوم الخميس 26 سبتمبر 2024، بدا وكأن الأمور تتحسن، إذ تلقت والدة الطفلة اتصالًا من المستشفى يفيد بأنه سيتم خروج الطفلة قريبًا. لكن بعد ساعة واحدة، تغير كل شيء. تلقت الأسرة اتصالًا آخر من المستشفى يفيد بأن “همسة” في حالة خطيرة بعد جلسة علاج طبيعي أدت إلى دخولها في غيبوبة.
وفقًا لشهادة الأسرة، فإن الطفلة لم تتلقَ الرعاية العاجلة اللازمة، حيث رفضت طبيبة العناية المركزة استقبالها، بحجة أن حالتها ميؤوس منها بسبب مرضها بضمور العضلات، وهو ما اعتبرته الأسرة إهمالًا طبيًا صارخًا. بعد ساعات من المعاناة، تم نقل الطفلة إلى العناية المركزة بمستشفى الجلاء التعليمي، حيث استمرت في وضع حرج على جهاز التنفس الصناعي.
العلاج الجيني المنقذ.. لكن البيروقراطية تعرقل الأمل
يُعد العلاج الجيني أحدث العلاجات المتاحة لمرض ضمور العضلات الشوكي، وهو متوفر في وزارة الصحة المصرية، لكنه يُمنح وفقًا لشروط صارمة. ورغم أن الطفلة مؤهلة للعلاج، إلا أن الوزارة ترفض صرفه بحجة أنها متصلة بجهاز التنفس الصناعي (الفنت)، وهو شرط يحرم العديد من الأطفال المرضى من فرصتهم الوحيدة في النجاة.
صرخة استغاثة لإنقاذ الطفلة
يطالب والد الطفلة وزارة الصحة المصرية بالتدخل الفوري لتوفير العلاج الجيني لها، وعدم التذرع بالبيروقراطية التي قد تحرمها من حياتها. كما يطالب بفتح تحقيق شامل في واقعة الإهمال الطبي التي أدت إلى تدهور حالتها الصحية، ومحاسبة المسؤولين عن إدخالها في غيبوبة نتيجة جلسة العلاج الطبيعي غير المدروسة.
ختامًا.. هل تحصل “همسة” على فرصة للحياة؟
بين الأمل واليأس، لا تزال الطفلة همسة تكافح من أجل البقاء، وسط عجز أسرتها عن تأمين العلاج الذي قد ينقذها بسبب الإجراءات المعقدة. تبقى الأسئلة معلقة: هل ستتحرك الجهات المعنية لإنقاذ الطفلة قبل فوات الأوان؟ وهل سيتم التحقيق في الإهمال الطبي الذي فاقم حالتها؟
هذه ليست مجرد قصة فردية، بل نموذج لمعاناة العديد من الأسر التي تواجه أمراضًا نادرة في ظل نظام صحي يحتاج إلى تطوير شامل، يضع حياة الأطفال فوق أي اعتبارات أخرى.
هل تتحرك وزارة الصحة لإنقاذ حياة الطفلة همسة؟
هذا ما ستجيب عنه وزارة الصحة في الأيام المقبلة.
