القاهرية
العالم بين يديك

معبر رفح: شريان غزة المحاصر بين الإغلاق والفتح المشروط وتصاعد التحركات المصرية لوقف التهجير

8

بقلم د/ حمدان محمد
معبر رفح، البوابة الوحيدة لقطاع غزة إلى العالم الخارجي بعيدًا عن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، يعود اليوم إلى واجهة الأحداث وسط تطورات ميدانية وإنسانية متسارعة. في ظل الحرب المستمرة على غزة، بات المعبر محورًا أساسيًا للجهود الإغاثية والوساطات السياسية، حيث تتجه الأنظار إلى القرارات المتعلقة بفتحه أو إغلاقه وتأثيراتها المباشرة على أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في القطاع.
فقد أعلنت السلطات المصرية اليوم، الجمعة 31 يناير 2025، فتح معبر رفح جزئيًا لاستقبال الجرحى الفلسطينيين جراء القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة. يأتي هذا القرار عقب مناشدات دولية ومحلية بضرورة السماح بإجلاء المصابين الذين يعانون من نقص حاد في الخدمات الطبية، نتيجة استهداف المستشفيات ونقص الإمدادات الحيوية.
وأكد اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن المعبر بدأ في استقبال أولى دفعات المصابين، مشيرًا إلى أن هذا التحرك يعكس التزام مصر بمسؤولياتها الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني. ووفقًا لمصادر طبية، تم تجهيز مستشفيات العريش لاستقبال الجرحى، بينما نُقل بعض الحالات الحرجة إلى مستشفيات القاهرة ولم يكن فتح المعبر اليوم خطوة عفوية، بل جاء بعد محادثات مكثفة بين الأطراف المعنية، خاصة بعد أن أبلغ وسطاء إقليميون حركة حماس بموافقة إسرائيل على فتح المعبر جزئيًا اعتبارًا من السبت، تزامنًا مع استكمال الدفعة الرابعة من تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال. ووفقًا لمصادر فلسطينية، فإن الاتفاق يتضمن خروج مزيد من الجرحى واستقبال مساعدات إنسانية محدودة عبر المعبر.
في المقابل، ترى بعض الجهات الحقوقية أن استمرار التحكم الإسرائيلي غير المباشر في المعبر يعكس واقع الحصار المستمر على القطاع، حيث يُستخدم فتح وإغلاق المعبر كورقة ضغط سياسية، بدلًا من كونه ممرًا إنسانيًا دائمًا للفلسطينيين.
وفي تطور لافت، تشهد الساحة المصرية تحركات شعبية ورسمية متزايدة للتصدي لأي محاولات تهجير قسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية. فقد احتشد المئات من المواطنين المصريين أمام معبر رفح، رافعين لافتات تؤكد رفضهم لما وصفوه بـ”المخططات المشبوهة” التي تستهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم تحت غطاء “الإجلاء الإنساني”.
كما أطلق نشطاء مصريون حملات إعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رافعين شعار “لا لتهجير الفلسطينيين.. نعم لحق العودة”، وذلك في محاولة لزيادة الضغط على المجتمع الدولي لمنع تنفيذ أي مخططات تهجير.
وعلى الصعيد الرسمي، شددت الحكومة المصرية على رفضها المطلق لأي مخطط يهدف إلى إفراغ قطاع غزة من سكانه، مؤكدة أن الحل يكمن في وقف العدوان الإسرائيلي، وليس في ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم. وقد أكد وزير الخارجية المصري، خلال لقاءات دبلوماسية مكثفة، أن القاهرة ستواصل الضغط من أجل التوصل إلى هدنة دائمة تحمي الفلسطينيين وتحافظ على حقوقهم التاريخية.
فمعبر رفح.. أمل دائم في وجه العزلةوعلى مدار سنوات، ظل معبر رفح بمثابة شريان الحياة لسكان غزة، سواء لنقل المرضى والطلاب أو لعبور المساعدات الإنسانية. ومع استمرار التصعيد العسكري، تتزايد المطالبات بجعل المعبر مفتوحًا بشكل دائم، بعيدًا عن التعقيدات السياسية والعسكرية، ليكون بمثابة متنفس حقيقي للغزيين في مواجهة الحصار المستمر.
وفي ظل الترقب لمآلات التصعيد الحالي، يبقى معبر رفح رمزًا للمعاناة الفلسطينية، وساحة للشد والجذب بين الأطراف المتنازعة، حيث تتحكم السياسة في بوابة الحياة والموت لأبناء غزة. أما التحركات المصرية، فهي رسالة واضحة بأن الشعب المصري لن يقبل أن يكون شاهدًا صامتًا على تهجير إخوانه الفلسطينيين، بل سيظل صوتًا داعمًا لصمودهم على أرضهم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات