القاهرية
العالم بين يديك

حين تسكت الأقلام.. ويصدح صوت الانتفاضة

13

د. عيد علي
لطالما امتلأت الساحة بأشباه الكتّاب، يملأون أعمدة الصحف بكلمات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع. لكن ها نحن اليوم في لحظة الحقيقة، يوم الانتفاضة الكبرى، حيث يرتفع صوت الشعب الأصيل، وينكشف زيف الأقلام التي لطالما ادّعت الريادة.
في هذا اليوم، تلاشت كلماتهم كما يتلاشى الضباب أمام شمس الحقيقة، وظهرت فقط أقلام المخلصين، الذين لم يهادنوا يومًا ولم يبيعوا ضمائرهم. أين هم أولئك الذين كانوا يملأون الصحف بمقالات الترف والادعاء؟ لماذا ارتعدت أقلامهم عندما اهتزت أركان الكيان؟

اليوم، لا مكان إلا للكلمة الصادقة، ولا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة. إنها لحظة فاصلة بين الحق والباطل، بين من ساند الشعب بصدق، ومن تاجر بالكلمات ليخدع العقول. هؤلاء الذين اعتادوا التنظير وقت الرفاهية، أين هم الآن حين أصبح للكلمة ثمن، وحين لم يعد الصمت خيارًا؟

في ساحات الوطن، يقف المخلصون جنبًا إلى جنب، يحملون أقلامهم كما يحمل الأحرار سلاحهم، يسطرون بمدادهم تاريخًا جديدًا، ويؤكدون أن الكلمة لا تموت إن كانت منبثقة من ضمير الأمة. أما أولئك الذين تلاشت حروفهم مع أول زلزال حقيقي، فلن يجدوا لهم موطئ قدم في الغد، فالتاريخ لا يرحم المتخاذلين، ولا يمجد سوى من حملوا مشاعل النور في أحلك اللحظات.

اليوم، لا تُكتب الحقيقة بالحبر فقط، بل تُسطَّر بدماء الأوفياء ودموع الصادقين. اليوم يُفرَز الطيب من الخبيث، وتسقط الأقنعة، ولا يبقى إلا من كان للوطن وفيًا، وللشعب ناطقًا بالحق، لا يخشى في ذلك لومة لائم.

وغدًا، عندما تنجلي سحابة الغبار، سيبحث هؤلاء المرتجفون عن مكان لهم بين الصفوف، لكن هيهات! فقد كُتب المصير، وسُطِّرت الأسماء، واحتل المخلصون مواقعهم في ذاكرة الأمة، أما أشباه الكُتّاب، فسيسقطون كما يسقط ورق الخريف، بلا أثر ولا ذكرى.

فالمعركة لم تكن يومًا مجرد انتفاضة، بل كانت غربالًا أسقط الزيف، وأبقى الحقيقة وحدها عالية خفّاقة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات