خالد جمال غالب
تثبت مصر، قيادةً وشعبًا، مرة أخرى أنها حجر الزاوية في المنطقة، وأنها لن تقبل بأي مخططات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير أبناء غزة من أرضهم. فبينما تتسارع وتيرة الضغوط السياسية والاقتصادية على مصر للقبول بواقع جديد تفرضه قوى دولية، جاء الرد المصري حاسمًا وقاطعًا: لا لتهجير الفلسطينيين.. لا لتصفية القضية
خلال الفترة الماضية، حاولت بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، فرض سيناريو تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء كحلّ للأزمة الراهنة. وزعمت الإدارة الأمريكية أن هناك موافقة مصرية ضمنية على هذا الطرح، لكن القاهرة قطعت الطريق أمام هذه الادعاءات ببيان رسمي من وزارة الخارجية، أكدت فيه أن مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، وتتمسك بدعم حقوقهم المشروعة، وعلى رأسها حقهم في البقاء على أرضهم.
ولم يقتصر الرد المصري على البيانات الرسمية، بل جاء عمليًا على الأرض، حيث عززت القوات المسلحة المصرية انتشارها في سيناء، وتمركزت في مواقع استراتيجية على الحدود، في رسالة واضحة بأن الأمن القومي المصري خط أحمر، وأن أي محاولات لفرض حلول غير عادلة سيتم التصدي لها بكل حسم.
في خطوة تعكس التزام مصر بدورها الإنساني والتاريخي، تحركت الأجهزة المصرية، وعلى رأسها المخابرات العامة، لإعادة الفلسطينيين النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، حيث تولّت مصر، بالتعاون مع قطر، تنظيم عمليات العودة من خلال توفير حافلات لنقل الأهالي، مما أدى إلى إفساد المخطط الأمريكي-الإسرائيلي الرامي إلى تغيير التركيبة الديمغرافية للقطاع وفرض واقع جديد يخدم الاحتلال.
وقد أثارت هذه الخطوات غضب إسرائيل، التي عبّرت عن استيائها من الموقف المصري، حيث جاء في إحدى التصريحات الإسرائيلية: “إلى متى ستواصل مصر إفشال ما نحاول بناءه؟”، في إشارة واضحة إلى أن القاهرة كانت العقبة الأبرز أمام تنفيذ هذا المخطط.
على المستوى الشعبي، لم يختلف موقف المصريين بجميع أطيافهم سواء المؤيدون أو المعارضون حيث اتحد الجميع خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي في موقفه الرافض لأي محاولات لفرض حلول مجحفة على حساب الحقوق الفلسطينية. وعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد، ومحاولات الترغيب والتهديد التي تمارسها بعض القوى الكبرى عبر وعود باستثمارات وإسقاط للديون، إلا أن الشعب المصري أثبت مرة أخرى أنه لا يساوم على مبادئه، وأن القضية الفلسطينية تظل جزءًا من وجدانه وكرامته الوطنية.
أكدت هذه الأزمة أن مصر ليست مجرد دولة تتلقى التعليمات، بل قوة إقليمية فاعلة قادرة على فرض رؤيتها والدفاع عن مصالحها القومية بقوة وحكمة. فالموقف المصري، الذي يُترجم على الأرض سياسيًا وعسكريًا، يعكس استقلالية القرار الوطني وقدرة الدولة على مواجهة الضغوط مهما كانت شدتها.
وفي ظل هذه التحديات، يثبت المصريون أن مصر ستظل الحامي الأول للقضية الفلسطينية، والدرع الذي يتصدى لمحاولات تصفيتها، وأن وحدتها قيادةً وشعبًا قادرة على إفشال أي مخططات تستهدف أمنها واستقرارها.
حفظ الله مصر.. أرضًا وشعبًا وجيشًا.