بقلم / عادل النمر
هذا هو الحب . نتحدث اليوم عن قصة حب من نوع خاص، لا يصدقها عقل ولا منطق. لكنه الحب، إذا أتى، لا يعرف المستحيل. إنها قصة حب عميد الأدب العربي، طه حسين، وزوجته سوزان بريسو.
إنها من أكثر قصص الحب المظلومة عبر التاريخ، ومن أروعها على الإطلاق. قصة حب الزواج المستحيل… حب قائم على الاختلاف، الاختلاف بكل معانيه:
هو مصري، وهي فرنسية.
هو مسلم، وهي مسيحية.
هو من عائلة فقيرة، وهي من عائلة أرستقراطية.
هو قمحي فاقد البصر، وهي شقراء ذات عينين زرقاوين.
ورغم كل هذه الاختلافات، استمر زواجهما ستة وخمسين عامًا حتى وفاته.
وكانت لقصة حبهما ثمَرتان: أنيس وأمينة.
وبعد وفاته، لم يتوقف الحب، فكتبت سوزان كتابًا تُخلِّد فيه قصة حبهما، وأسمته: Avec Toi أو معك.
تقول في فصله الأخير:
“وفي النهاية، كنا معًا… دائمًا… وحدنا… قريبين لدرجة فوق الوصف.
كانت يدي في يده متشابكتين كما كانتا في بداية رحلتنا.
وفي هذا التشابك الأخير، تحدثتُ معه وقبَّلتُ جبينه الوسيم،
جبينٌ لم ينل منه الزمن ولا الألم شيئًا من التجاعيد،
جبينٌ لم تنل منه هموم الدنيا فتقطب أو عبس،
جبينٌ لا يزال يشع ضوءًا ينير عالمي.”
كانت فائقة الجمال، ورغم أنه لم يرها يومًا، أحبها.
ورغم فقدانه بصره، فإنها لم ترَ ذلك يومًا، وأحبته.
حبٌّ أعمى لا يرى الظاهر…
أحبَّ روحها، فأحبت روحه…
فكان يرى الدنيا بعينيها، وكانت تعيش بنبض قلبه.
إنه الحب كما يجب أن يكون… بل هذا هو الحب.