كتبت/ سالي جابر
أخصائية نفسية
التكنولوجيا الحديثة أصبحت محورًا هامًا للنقاش في الآونة الأخيرة ببن الباحثين؛ حيث أن للتكنولوجيا فوائد جمة وفي نفس الوقت أضرارًا جسيمة أذا لم نعيرها انتباهنا. ولأن الطفولة مرحلة حساسة تتكون فيها الشخصية، وتتأثر بكل عنصر يتفاعل معها، ويترك تأثيره على النمو النفسي والجسدي للطفل.
التكنولوجيا لها وقع شديد الأهمية اليوم، حيث نجدها في كل شيء حولنا، وكل الاطفال يحملون هواتف ذكية يتنقلون فيها بين التطبيقات والبرامج والألعاب، ولهذا فهي سلاح ذو حدين، وعلينا مراقبة اطفالنا في استخدامها دون إفراط أو تفريط.
التكنولوجيا كصديق:
1. التعليم التفاعلي:
توفر التكنولوجيا أدوات تعليمية مبتكرة تساهم في تحسين استيعاب الأطفال من خلال التطبيقات والبرامج التي تقدم دروسًا بأسلوب شيق وممتع.
2. تنمية المهارات:
بعض الألعاب الإلكترونية تساعد في تحسين التفكير المنطقي وحل المشكلات وتنمية مهارات التنسيق بين اليد والعين.
3. الوصول إلى المعرفة:
الإنترنت يعتبر مصدرًا غنيًا بالمعلومات التي تتيح للأطفال استكشاف العالم من حولهم وتنمية فضولهم الفكري؛ فإن بعض الأطفال يلجأون إليه كلما أرادوا البحث عن معلومة ما.
التكنولوجيا كعدو:
1. الإدمان والعزلة الاجتماعية:
الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية قد يؤدي إلى عزلة الطفل عن محيطه الأسري والاجتماعي، مما يضعف مهاراته في التواصل مع الآخرين.
2. الأضرار الصحية:
الجلوس الطويل أمام الشاشات يؤدي إلى مشكلات صحية مثل ضعف النظر، السمنة، وآلام الرقبة والظهر.
3. التأثير النفسي السلبي:
بعض الألعاب تحتوي على مشاهد عنف قد تؤثر سلبًا على نفسية الطفل وسلوكه، مما يزيد من عدوانيته أو يقلل من تعاطفه مع الآخرين.
ماذا يجب على الأسرة فعله لتفادي تلك المعضلة ؟
1. الرقابة الأسرية:
ينبغي على الأهل اختيار الألعاب المناسبة لأعمار أطفالهم ومتابعة المحتوى الذي يتعرضون له.
2. تحديد وقت الاستخدام:
وضع جدول زمني يحدد أوقات استخدام الأجهزة الإلكترونية، مع تخصيص وقت كافٍ للنشاطات البدنية والاجتماعية.
3. تعزيز البدائل المفيدة:
تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة، القراءة، أو الانخراط في أنشطة ترفيهية تقوي مهاراتهم وتبعدهم عن الإدمان الإلكتروني.
تشير الدراسات الحديثة إلى تزايد ملحوظ في إدمان الأطفال على الأجهزة الإلكترونية، مما يثير قلق الخبراء والأهالي على حد سواء. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية في فبراير 2022، أشار خبير صحي إلى أن 65% من الأطفال حول العالم أصبحوا مدمنين على الأجهزة الإلكترونية خلال جائحة كورونا، حيث لا يستطيعون الابتعاد عنها حتى لمدة نصف ساعة، مما يُعد مؤشرًا محفوفًا بالمخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة يابانية نُشرت في سبتمبر 2023 أن التعرض المفرط لشاشات الأجهزة الإلكترونية في مرحلة الطفولة المبكرة يرتبط بتأخر في نمو الوظائف العقلية للأطفال في مراحل لاحقة. شملت الدراسة أكثر من 7,000 طفل، وأظهرت أن زيادة وقت الشاشة اليومي يؤثر سلبًا على مجالات مثل التواصل وحل المشكلات.
من الجدير بالذكر أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصي بعدم تعريض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرًا لأي وقت أمام الشاشات، بينما يُنصح للأطفال من عمر 2 إلى 5 سنوات بحد أقصى ساعة واحدة يوميًا من الوقت المخصص للشاشات، مع ضرورة مشاركة الوالدين في المحتوى المعروض.
إن التكنولوجيا بحد ذاتها ليست خيرًا أو شرًا، بل هي أداة بين أيدينا. إذا أحسنّا استخدامها بحكمة، سنخلق جيلاً واعيًا يجيد التعامل مع عالم رقمي متسارع دون أن يفقد براءة طفولته أو توازنه النفسي.