القاهرية
العالم بين يديك

المتمردة: الجزء العشرون – نهوض المملكة

7

بقلم: د. عيد علي

مع شروق الشمس، بدا وكأن الهواء مشبعٌ بأمل جديد. العالم الذي حاربنا من أجله بدأ يأخذ شكله. لم تكن تلك مجرد بداية فصل جديد، بل كانت فرصة لإعادة بناء المملكة على أسس أقوى وأكثر عدلًا.

جلست مع ليلى على شرفة القصر، نراقب الناس وهم يعيدون إعمار ما تهدم. أصوات الضحكات والمحادثات بين الجنود والمدنيين كانت دلالة على أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها، رغم الجراح التي لم تندمل بعد.

“علينا أن نكون حذرين”، قلت لليلى. “أعداء الأمس لن يختفوا بسهولة، والمملكة ما زالت عرضة للتهديد.”

“صحيح”، أجابت ليلى وهي تضع يدها على يدي. “لكننا تعلمنا شيئًا مهمًا: القلوب الموحدة أقوى من أي سلاح.”

بدأنا يومنا بسلسلة من الاجتماعات مع كبار القادة ومستشاري المملكة. ناقشنا سبل تعزيز الدفاعات، وتحسين حياة الشعب، وبناء جسور جديدة من الثقة بين القبائل والمناطق المختلفة.

وفي ذلك اليوم، جاء رسول يحمل رسالة عاجلة. كانت المتمردة، التي اعتقدنا أنها هُزمت، ترسل طلبًا للقاء.

“هل تظن أنها تخطط لشيء؟” سأل أحد القادة بقلق.

نظرت إلى ليلى، التي كانت صامتة، تفكر بعمق. ثم قالت بحزم:
“إذا كانت صادقة، فهذا قد يكون بداية السلام. وإذا كانت تخطط للخداع، فنحن مستعدون لها.”

اتخذنا قرارنا بحذر. تم تحديد مكان اللقاء في أرض محايدة، بعيدة عن القصر وأي تجمعات. وصلنا إلى هناك مع حراسة مشددة.

ظهرت المتمردة من الظلال، مرتدية رداءً أسود يعكس غموضها وقوتها. ولكن في عينيها، كانت هناك نظرة مختلفة عن تلك التي اعتدنا رؤيتها في المعارك.

“لم آتِ للقتال هذه المرة”، بدأت كلامها. “أدركتُ أن ما كنت أحاربه لم يكن ظلمكم، بل ألمي الخاص. أريد أن أنهي هذه الحلقة من العنف.”

كانت كلماتها صادمة، لكنها صادقة. جلسنا وتحدثنا لساعات، عن الماضي، عن الجراح التي دفعت كلا الطرفين للصراع، وعن المستقبل الذي قد نكون قادرين على بنائه معًا.

“إذا أردتم السلام، فعليكم أن تثبتوا ذلك بأفعالكم، لا بكلماتكم فقط”، قالت المتمردة قبل أن تغادر.

كانت تلك اللحظة نقطة تحول. عدنا إلى القصر وبدأنا بتنفيذ الإصلاحات التي وعدنا بها. أعيدت الحقوق إلى أصحابها، وفتحنا الأبواب أمام المصالحة الوطنية.

وفي الأشهر التالية، تحولت المملكة إلى مثال للوحدة والإصرار. لم تكن الطريق سهلة، ولكن كل خطوة كانت تقربنا من حلمنا بمملكة يعيش فيها الجميع بكرامة وعدل.

في إحدى الليالي، جلسنا تحت السماء المرصَّعة بالنجوم مرة أخرى. نظرت إلى ليلى وقلت:
“لم أتخيل أبدًا أننا سنصل إلى هنا. هذا الحلم الذي كنا نخشى أن يكون مستحيلًا أصبح حقيقة.”

ابتسمت ليلى وأجابت:
“السر في الإيمان. إيماننا بأنفسنا، وببعضنا، وبالقدرة على التغيير. المستقبل أمامنا الآن، وكل ما علينا فعله هو الاستمرار.”

إلى اللقاء في الجزء الحادي والعشرين…

قد يعجبك ايضا
تعليقات