بقلم د. عيد علي
ظللت أفكر في كلمات ليلى طوال الليل. كان قرار التحالف مع الإمبراطور زافير ليس فقط تحديًا سياسيًا، بل اختبارًا حقيقيًا لرؤيتنا المستقبلية. ماذا تعني المملكة بالنسبة لنا؟ وما الذي يمكن أن نضحي به من أجلها؟
في صباح اليوم التالي، اجتمع المجلس الملكي لبحث العرض. كان القادة منقسمين؛ البعض يرى في التحالف فرصة لتقوية المملكة، والبعض الآخر يحذر من الوقوع في قبضة الإمبراطورية.
وقف أحد القادة وقال بحزم:
“لا يمكننا الوثوق بزافير. تاريخ الإمبراطورية مليء بالخداع والخيانة. إن تحالفنا معهم قد يعني نهايتنا.”
بينما رد قائد آخر:
“لكننا لا نستطيع مواجهة العالم وحدنا. التحالف قد يمنحنا قوة تحتاجها المملكة للبقاء.”
كنت أستمع بصمت، لكن عيني كانت تبحث عن ليلى. عندما نظرت إليها، وجدت في عينيها إجابة لم أكن أعلم أنني أبحث عنها.
وقفت وتحدثت:
“أعلم أن هذا القرار يحمل مخاطرة كبيرة، لكن علينا أن نسأل أنفسنا سؤالًا واحدًا: ما هو الأهم بالنسبة لنا؟ هل نريد السلام بثمن قد لا نتحمله، أم أننا مستعدون للقتال من أجل استقلالنا وكرامتنا؟”
ساد الصمت للحظات قبل أن تتحدث ليلى:
“التحالف ليس بحد ذاته ضعفًا، لكنه يصبح كذلك إذا قبلناه من موقع الخوف. علينا أن نفاوض زافير بشروطنا، لا بشروطه. إذا كان هذا التحالف سيسلبنا حريتنا، فلا قيمة له.”
كانت كلماتها بمثابة الشرارة التي أضاءت الطريق. قررنا أن ندعو زافير إلى اجتماع آخر، لنضع شروطنا على الطاولة.
بعد أيام، عاد زافير إلى المملكة. جلسنا معه في قاعة العرش، وكانت ليلى بجانبي، تنبض بالعزم والهدوء.
قلت له:
“إمبراطور زافير، نحن مستعدون للتحالف، لكن بشروطنا. لا نريد أن نكون جزءًا من إمبراطوريتكم، بل نريد شراكة متساوية قائمة على الاحترام المتبادل. المملكة ستظل مستقلة، ولن نتخلى عن قيمنا أو شعبنا.”
ابتسم زافير، وقال:
“أعترف أنني لم أتوقع هذه الجرأة. معظم الممالك الأخرى التي واجهتها إما خضعت دون شروط أو انهارت. لكن يبدو أنكم مختلفون.”
ثم أضاف بعد صمت قصير:
“شروطكم مقبولة. ومع ذلك، يجب أن تعلموا أن هذا التحالف يعني أن أعداءي سيصبحون أعداءكم. هل أنتم مستعدون لذلك؟”
نظرت إلى ليلى، ثم أجبت بثقة:
“نحن مستعدون، طالما أن هذا التحالف لا يمس حريتنا.”
بدأ عصر جديد للمملكة. كان التحالف مع الإمبراطورية فرصة لتقوية دفاعاتنا وتوسيع تجارتنا، لكننا كنا دائمًا على حذر.
ومع مرور الوقت، بدأت تحديات جديدة تظهر في الأفق. أعداء زافير لم يتأخروا في التحرك، ووجدنا أنفسنا أمام معارك سياسية وعسكرية جديدة.
في أحد الأيام، وبينما كنا نخطط لتحركاتنا القادمة، قالت ليلى:
“التحالف كان الخطوة الأولى، لكنه لن يكون الحل الأخير. علينا أن نستمر في بناء قوتنا الداخلية. لا يمكننا الاعتماد على أي طرف آخر إلى الأبد.”
كلماتها كانت دائمًا مصدر إلهام لي. كانت ليلى أكثر من شريكة؛ كانت الروح التي تبث الأمل في كل ما نقوم به.
ومع ذلك، كنت أعلم أن الطريق أمامنا لا يزال مليئًا بالمفاجآت.
إلى اللقاء في الجزء الثاني والعشرين…