بقلم د _ عيد علي
رغم الاستقرار النسبي الذي منحنا إياه التحالف مع الإمبراطور زافير، إلا أنني شعرت بأن هناك عاصفة تقترب. أعداء زافير كانوا يرسلون تهديداتهم بين الحين والآخر، والمملكة كانت تحت المجهر، ترقبها أعين كثيرة تبحث عن ثغرة.
ذات ليلة، وبينما كنت أنا وليلى نتبادل الحديث عن خططنا القادمة، دخل أحد الحراس مسرعًا، وقال بصوت متوتر:
“سيدي، رسالة عاجلة وصلت من الحدود الجنوبية. قوات مجهولة تتقدم نحو أراضينا.”
نظرت إلى ليلى، التي كانت قد بدأت بالفعل ترتدي درعها استعدادًا لأي طارئ. سألتها:
“ما رأيك؟ هل تعتقدين أن زافير خلف هذا؟”
أجابتني بحزم:
“لا أعتقد ذلك. لكن أعداءه قد يحاولون ضربنا لتقويض تحالفنا معه. علينا التحرك بسرعة قبل أن تتفاقم الأمور.”
جمعنا قادة الجيش وقررنا التوجه إلى الحدود الجنوبية لصد التهديد. الطريق كان طويلًا وشاقًا، لكنني شعرت بأن هذا ليس مجرد اختبار عسكري، بل تحدٍ لعلاقتنا بالتحالف الجديد ولقدرتنا على حماية مملكتنا.
عندما وصلنا، وجدنا قوات كبيرة متمركزة على أطراف أراضينا. قائدهم كان رجلاً يدعى “داريوس”، وهو أحد الجنرالات السابقين الذين انشقوا عن إمبراطورية زافير.
قال داريوس بنبرة متحدية:
“أتيت برسالة بسيطة: تحالفكم مع زافير سيكون نهايتكم. هذه الأرض لا تنتمي لكم، ولن نسمح بأن تصبحوا دمية في يد إمبراطور متغطرس.”
أجبته بثبات:
“هذه الأرض كانت دائمًا ملكًا لنا، وستظل كذلك. إذا أردت الحرب، فستجدنا مستعدين. لكن إذا كنت تبحث عن السلام، فنحن هنا لنتحدث.”
ابتسم داريوس ابتسامة ساخرة، وقال:
“السلام؟ لا أظن أنكم تفهمون معنى السلام. لنرى ما ستفعله كلماتك عندما تبدأ السيوف في الحديث.”
اندلعت المعركة، وكانت واحدة من أصعب التحديات التي واجهناها. قوات داريوس كانت مدربة جيدًا، وعددها يفوق قواتنا بكثير. لكننا كنا نمتلك شيئًا لم يكن لديهم: الإيمان بقضيتنا، والوحدة التي جمعتنا.
كانت ليلى تقود الجنود في الصفوف الأمامية، شجاعة لا مثيل لها. كنت أراقبها وأنا أشعر بمزيج من القلق والفخر.
وبعد ساعات طويلة من القتال، تمكنا أخيرًا من إجبار قوات داريوس على التراجع. لكنه قبل أن ينسحب، أرسل تحذيرًا أخيرًا:
“هذه ليست النهاية. تحالفكم مع زافير سيجلب لكم المزيد من الأعداء. استعدوا لما هو قادم.”
عدنا إلى القصر مرهقين، لكننا كنا نعلم أن هذا النصر ليس إلا بداية لمعارك قادمة.
في تلك الليلة، وبينما كنت أجلس مع ليلى تحت السماء التي شهدت كل أحلامنا وانتصاراتنا، سألتها:
“هل تعتقدين أننا فعلنا الشيء الصحيح بتحالفنا مع زافير؟”
نظرت إليّ بعينيها اللتين كانتا دائمًا مصدر قوتي، وقالت:
“الصواب ليس دائمًا واضحًا في البداية. لكننا اتخذنا هذا القرار لأننا نؤمن بأننا نستطيع بناء مستقبل أفضل. المهم الآن هو أن نبقى أقوياء ومتماسكين، مهما كانت التحديات.”
أومأت برأسي وأنا أشعر أن كلماتها تمنحني السلام. لكنني كنت أعلم أن العاصفة الحقيقية لم تصل بعد.
إلى اللقاء في الجزء الثالث والعشرين…