المتامردة: الجزء الس
بقلم د _ عيد علي
كان عودتها أشبه بشعاع ضوء وسط عتمة طويلة. لكن رغم ذلك، لم يكن الأمر سهلاً. كل كلمة بيننا كانت تحمل وزن الماضي، وكل خطوة معًا كانت تتطلب جهدًا لاستعادة الثقة. كنا نحاول بناء شيء جديد فوق أنقاض ما تهدم، ومع ذلك، كنا مدركين أن الخطر لا يزال يتربص.
بدأنا العمل سويًا على كشف خيوط المؤامرة التي استهدفتنا. الوثائق التي اكتشفتها قادتنا إلى شخصيات كان من المستحيل الشك بها. كانت الأسماء مألوفة، لكنها حملت معها خيانة لم نتوقعها.
“هل يمكن أن يكونوا هم؟” سألتني بينما كانت تقلب الأوراق بين يديها.
أجبت بحذر:
“كل شيء يشير إليهم. لكننا بحاجة إلى دليل أقوى قبل أن نتحرك. لا يمكننا المخاطرة باتهام أحد دون يقين.”
معًا، بدأنا التحقيق بهدوء. كنا نراقب، نستمع، ونجمع الأدلة. كل خطوة كانت تقربنا من الحقيقة، لكنها كانت تقربنا أيضًا من خطر أكبر.
وفي إحدى الليالي، بينما كنا نراجع ما جمعناه، وجدتُ نفسي أنظر إليها طويلاً. كانت ملامحها تحمل الإرهاق، لكن هناك صلابة لم أرها من قبل. قلت لها بهدوء:
“أنتِ قوية أكثر مما كنت أظن. لا أعرف إن كنت سأتمكن من مواجهة كل هذا دونك.”
نظرت إليّ بنظرة مختلطة بين الحزن والتحدي وقالت:
“لم أكن لأعود لو لم أؤمن أننا نستحق فرصة أخرى. لكن لا تنسَ، هذه المرة، أنا لست هنا لأقف خلفك فقط. بل معك حتى النهاية.”
في اليوم التالي، تلقينا رسالة غامضة، لكنها كانت مختلفة عن سابقاتها. كانت تحتوي على اسم ومكان، وكأنها دعوة مباشرة لمواجهة من يقف خلف كل هذا.
“إنها مصيدة.” قالت وهي تقرأ الرسالة بصوت منخفض.
أجبتها:
“أعلم. لكن أحيانًا، علينا أن ندخل المصيدة لنفهم من ينصبها.”
اتفقنا على التوجه إلى الموقع المذكور، لكن هذه المرة كنا مستعدين. أخذنا كل الاحتياطات اللازمة، ووضعنا خطة محكمة لمواجهة أي طارئ.
عندما وصلنا إلى المكان، كان كل شيء يبدو هادئًا بشكل مريب. مبنى مهجور، وإضاءة خافتة بالكاد تكشف الطريق. دخلنا بحذر، وكل خطوة كنا نتوقع أن تكون الأخيرة.
لكن المفاجأة جاءت بشكل لم نتوقعه. في قلب المبنى، وجدنا شخصًا مألوفًا ينتظرنا. كان يجلس بثقة، وكأنه كان يعلم أننا سنأتي.
“مرحبًا بكما. كنت أعلم أنكما ستصلان إلى هنا عاجلاً أم آجلاً.”
كان الصوت مألوفًا حد الألم. لم يكن عدوًا مجهولًا، بل كان حليفًا قديمًا، شخصًا وقف معنا في أكثر الأوقات صعوبة.
“لماذا؟” سألتها بصوت مختنق.
ابتسم ابتسامة باردة وقال:
“لأن مملكتكما أكبر مما يجب، وأقوى مما ينبغي. السيطرة عليها لا تأتي بالشراكة، بل بالقوة. وقد آن الأوان لتفهموا ذلك.”
كانت هذه اللحظة فارقة. لم يكن لدينا خيار سوى المواجهة. لم تكن معركة بالسلاح فقط، بل كانت معركة للعقل، للثقة، وللبقاء.
هل ستنجح هذه المواجهة في كشف كل شيء؟ أم أن الخيانة ستترك جرحًا لا يمكن علاجه؟
إلى اللقاء في الجزء السابع عشر…