القاهرية
العالم بين يديك

المتمردة: الجزء الرابع عشر – لهيب الفراق

7

 

بقلم د _ عيد علي

 

بعد حديثنا الأخير، تغير كل شيء بيننا. لم تعد جلساتنا كما كانت، ولم تعد كلماتها تحمل تلك الحرارة التي لطالما شعرت بها. كنت أدرك أن الأمور تنزلق من بين أيدينا، لكنني لم أكن أعرف كيف أوقف هذا الانهيار.

 

بدأتُ أقضي وقتًا أطول في التفكير، أقل معها وأكثر مع نفسي. كنت أراجع كل لحظة مرت بنا، أحاول أن أجد الخطأ الأول، النقطة التي بدأ فيها الشرخ. لكنها كانت مثل خيط دخان، كلما حاولت الإمساك به، اختفى.

 

وفي إحدى الليالي، بينما كنت أجلس وحدي في قاعة الاجتماعات، دخلت هي. لم تكن تحمل نظرتها المعتادة، بل مزيجًا من الحزن والغضب. قالت بصوت هادئ لكنه جاف:

“علينا أن نواجه الحقيقة. ما كان يجمعنا لم يعد كما كان. لا يمكننا إنكار ذلك بعد الآن.”

 

نظرت إليها، محاولًا أن أجد كلمات تردعها، لكنني لم أستطع. كل ما خرج مني كان همسًا بالكاد يُسمع:

“وماذا تريدين أن نفعل؟”

 

ردت بحزم:

“ربما علينا أن نبتعد لبعض الوقت. ليس هروبًا، بل لإعادة التفكير. أحتاج إلى مساحة لأفهم نفسي، ولأعرف إن كنتُ قادرة على الاستمرار.”

 

كانت كلماتها مثل صفعة. أردت أن أصرخ، أن أطلب منها البقاء، لكن شيئًا ما بداخلي منعني. شعرت أنني إن حاولت إقناعها، سأبدو أضعف مما أنا عليه.

 

مرّت أيام من الغياب. لم تكن موجودة في خططي، ولم تعد تشارك في قراراتنا. كان الفراغ الذي تركته ثقيلًا، لكنه كان يحمل معه مساحة للتفكير. بدأت أدرك أنني ربما كنتُ أضغط عليها دون أن أشعر، وأن رغبتي في حماية ما بنيناه قد أصبحت قيدًا يخنقها.

 

وفي يوم من الأيام، وصلني منها خطاب. لم تكن رسالة للعتاب أو اللوم، بل كلمات بسيطة تحمل معها الأمل:

“لا أزال أؤمن أننا قادرون على تخطي هذا، لكن ليس الآن. أحتاج إلى وقتي، وأتمنى أن تفهم.”

 

شعرت بثقل الكلمات، لكن بين السطور كان هناك ضوء خافت. ربما لم تنتهِ قصتنا بعد، وربما كان هذا الشرخ هو ما نحتاجه لنفهم أنفسنا أكثر.

 

لكن السؤال الذي ظل يطاردني هو:

هل سيأتي اليوم الذي نعود فيه أقوى؟ أم أن هذا الفراق سيصبح النهاية الحقيقية لما كان بيننا؟

 

إلى اللقاء في الجزء الخامس عشر…

قد يعجبك ايضا
تعليقات