القاهرية
العالم بين يديك

المتمردة: الجزء العاشر – رياح التغيير

6

 

بقلم د _ عيد علي

 

مرت الأيام بعد لقائنا، وكأن الزمن بدأ ينساب بخطوات أكثر هدوءًا. لم تكن الجراح قد التأمت تمامًا، لكنني بدأت أرى ملامح النور تتسلل إلى عالمي المظلم. كنت أراقبها من بعيد، ليس بدافع الحب القديم فقط، ولكن بدافع الفضول تجاه التغيير الذي بدا وكأنه يلوح في الأفق.

 

بعد حديثنا الأخير، شعرت أن شيئًا ما تغير في ملامحها وفي كلماتها. لم تعد تلك الأميرة المتغطرسة التي دمرت مملكتي. بدت وكأنها تخوض معركة داخلية، مع نفسها، مع قراراتها، وربما مع الماضي الذي صنع فجوة عميقة بيننا.

 

في إحدى الليالي، وبينما كنت أجلس في برج مملكتي الذي شُيد من جديد، جاءني رسول آخر. كان يحمل رسالة قصيرة جدًا، لكنها حملت أعمق معاني التساؤل:

 

“هل يمكن أن يكون لنا بداية جديدة؟”

 

كانت الكلمات ثقيلة على قلبي، كأنها تحفر في أعماقي لتستخرج ذكريات كانت مدفونة. جلست طويلًا أفكر: هل أستطيع أن أفتح هذا الباب مرة أخرى؟ هل يستحق الأمر أن أضعف أمام من هدمتني من قبل؟

 

لكنني كنت أعلم أن الإجابة لا تكمن في الماضي، بل في اللحظة الراهنة وفي اختياراتي التي ستصنع المستقبل.

 

قررت أن ألتقي بها مرة أخرى، لكن هذه المرة كنت واضحًا وحازمًا. قلت لها:

“لا أريد كلماتٍ أو وعودًا زائفة. إن كان هناك سبيلٌ لبداية جديدة، فيجب أن تكون مبنية على الصدق. لا أريد مملكة تجمعنا ونحن نعيش فيها كغرباء. إما أن نكون شركاء حقيقيين، أو نطوي الصفحة نهائيًا.”

 

نظرت إليّ طويلاً، ثم أجابت بهدوء:

“لقد أدركت بعد كل ما حدث أنني كنت أهرب من شيء لا أفهمه. لم أكن أبحث عن هدمك، بل كنت أبحث عن نفسي وسط عاصفة مشاعري. والآن، بعد أن خسرت الكثير، أدركت أن ما كنت أهرب منه كان أقرب إليّ مما تخيلت.”

 

كانت كلماتها صادقة، أو على الأقل هذا ما شعرت به في تلك اللحظة. لم يكن القرار سهلاً، لكنني اخترت أن أمنحها فرصة. فرصة أخيرة لإثبات أن التغيير ممكن، وأن الجراح التي حملناها قد تتحول يومًا ما إلى قوة تجمعنا بدلاً من أن تفرقنا.

 

بدأنا معًا رحلة جديدة، مليئة بالتحديات، لكنها مختلفة هذه المرة. كنت أشعر بأننا نسير على حبلٍ مشدود، لكننا نحاول أن نتوازن سويًا.

 

ورغم كل شيء، كنت أعلم أن الطريق لا يزال طويلاً.

 

ترى، هل ستُثمر هذه المحاولة؟ أم أن القدر سيُعيدنا إلى ظلمات الجُب؟ هذا ما سنعرفه في الجزء القادم… إلى اللقاء.

قد يعجبك ايضا
تعليقات