بقلم د _ عيد علي
مرت الأسابيع ونحن نخوض غمار تلك الرحلة المليئة بالتحديات. لم تكن الأمور سهلة، لكننا كنا نحاول بناء شيء جديد، شيء مختلف عن الماضي الذي مزقنا. كنا نحاول أن نفهم بعضنا البعض بصدق، بعيدًا عن أقنعة القوة والغرور التي أفسدت كل شيء من قبل.
في إحدى الأمسيات الهادئة، اجتمعنا في حديقة القصر، حيث كانت النجوم ترسم لوحاتها في السماء. قالت لي:
“لقد أدركت أن القوة الحقيقية ليست في السيطرة أو التملك، بل في القدرة على فهم الآخر ومشاركته ألمه وفرحه. هل يمكننا أن نبني هذا معًا؟”
كان سؤالها صادقًا، لكنه ألقى بثقله على قلبي. أجبتها:
“الصدق أساس كل شيء، لكن لا بد أن ندرك أن بناء الثقة يتطلب وقتًا وصبرًا. لا يمكننا أن نمحو ما حدث، لكننا نستطيع أن نتعلم منه.”
ومن تلك الليلة، بدأنا بوضع أسس جديدة لحياتنا. اتفقنا أن نبدأ بأشياء صغيرة، كالحديث الصادق ومشاركة القرارات دون خوف أو تردد. كنا نتعلم كيف نكون فريقًا، وكيف نتقبل الاختلافات التي كادت أن تفرقنا.
لكن لم تكن الطريق مفروشة بالورود. كان هناك لحظات من الشك، وصراعات داخلية، وأحيانًا أصوات الماضي التي كانت تحاول جرّنا إلى الوراء.
في إحدى تلك اللحظات، قالت لي:
“أعلم أنني أرتكب الأخطاء أحيانًا، لكنني أريدك أن تعلم أنني أضع كل جهدي لأكون الشخص الذي يستحق ثقتك. لا أطلب الكمال، فقط فرصة.”
كان ردّي بسيطًا ولكنه حمل الكثير:
“أنا هنا لأنني أؤمن أن التغيير ممكن. فلنمنح أنفسنا الوقت والمساحة لنثبت أننا نستطيع.”
بدأت ملامح العلاقة تتغير. لم تعد مبنية على الأحلام المثالية، بل على واقع يحمل في طياته الأمل والعمل المشترك.
وفي يومٍ من الأيام، وبينما كنا نجلس معًا نتحدث عن المستقبل، قالت لي بابتسامة ملؤها التفاؤل:
“ربما هذه المرة سنكون نحن الريح التي تغير مسارنا، بدلاً من أن تكون الريح هي من يوجهنا.”
شعرت حينها أنني أمام بداية جديدة، مختلفة تمامًا. لم أكن أعلم ما يخبئه القدر لنا، لكنني كنت مستعدًا لمواجهة كل شيء طالما أننا نسير معًا.
ترى، هل ستصمد هذه البداية أمام عواصف القدر؟ أم أن الرياح ستعيدنا إلى نقطة البداية؟
إلى اللقاء في الجزء القادم…