د. حمدان محمد
مصر ليست مجرد أرض على خريطة العالم، بل هي بلدٌ اختصه الله بمكانة عظيمة، وميزها بتاريخها الممتد وأثرها البارز في نصرة الدين ونشر القيم الإيمانية. إنها الأرض التي اختلطت مياهها بدماء الأنبياء ودموع الصالحين، وهي الموطن الذي شهد معجزات الله الكبرى على مر التاريخ.
فمصر في القرآن الكريم: أرض الأمن والرزق وقد ورد ذكر مصر في القرآن الكريم مرات عديدة، مما يعكس مكانتها الكبيرة. يقول الله تعالى:
“ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين” (يوسف: 99).
هذا الوعد بالأمان لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل إشارة رمزية إلى طبيعة هذه الأرض المباركة، التي ظلت ملاذًا للأمن والاستقرار عبر القرون.
وفي موضع آخر، تحدث الله عن خيرها في قوله تعالى على لسان سيدنا يوسف عليه السلام:
“اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم” (يوسف: 55).
لقد جعل الله مصر خزائن الأرض، تمد يدها بالعطاء لكل من يحتاج، وهي اليوم لا تزال تحمل هذه الرسالة الرسالة الإنسانية والرسالة الإيمانية.
فمصر هى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر خيرًا، فقال:
“ستفتحون مصر، وهي أرض يُذكر فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحمًا” (رواه مسلم).
هذا الحديث يعكس علاقة خاصة بين المسلمين ومصر، علاقة تمتزج فيها القيم الدينية بالروابط الإنسانية.
كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن جند مصر سيكونون من خيرة جند الأرض حين قال:
“إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فهم خير أجناد الأرض.”
وهذا شرف عظيم يحمل معه مسؤولية كبيرة، بأن يظل هذا الجيش درعًا للإسلام وقيمه.
فمصر ذكرها الشعراء في الشعر العربي ذكروها بكلمات تُخلد الأرض المباركة
لقد تغنى الشعراء بمصر عبر العصور، فألهمهم نيلها وحضارتها.
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
“يا أرضَ مصرَ ويا مهدَ العُلا خَفَقَتْ
بكِ السمواتُ واهتزَّت بكِ القِمَمُ”
فشوقي يربط مصر بالعظمة والرفعة، مشيرًا إلى تاريخها الزاخر.
ويقول حافظ إبراهيم، شاعر النيل، واصفًا مكانة مصر في قلب الأمة:
“مصرُ التي في خاطري وفي فمي
أحبها من كل روحي ودمي”
كلمات تعكس ارتباطًا وجدانيًا بين المصري وأرضه، ارتباطًا يحمل معاني الوفاء والاعتزاز.
فمصر عبر التاريخ: درع الأمة ومنارة العلم فمصر هي بلد الأزهر الشريف
مصر ليست مجرد بلدٍ عاش فيه الأنبياء، لكنها كانت وما زالت مركزًا للحضارة الإسلامية. فمن أرضها خرج العلماء، ومن أزهرها الشريف انتشر نور العلم إلى كل أصقاع العالم.
ففي عهد عمرو بن العاص، أصبحت مصر قلب الدولة الإسلامية، تحمل رسالة العدل وتساهم في نشر الإسلام.
وفي عصور لاحقة، وقفت مصر شامخة في مواجهة الصليبيين والتتار، وظلت حصنًا منيعًا للأمة الإسلامية.
فرسالة إلى أهل مصر
يا أهل مصر، إن الله اختاركم لتكونوا حماة لهذه الأرض المباركة، فكونوا على قدر هذه المسؤولية. حافظوا على قيمكم الإيمانية، واجعلوا من تاريخكم مصدر إلهام لبناء مستقبل مشرق و ستظل مصر أرض الكنانة، محفوظة بحفظ الله، تنبض بالخيرات، وتضيء نورًا للعالم. إنها رسالة الله للبشرية بأن الخير باقٍ ما بقيت مصر.
نسأل الله أن يحفظ مصر وشعبها من كل سوء ومكروه