القاهرية
العالم بين يديك

ترك ما لا يعنيني: خُلُق الإسلام وأساس السعادة

12

بقلم/ د. حمدان محمد
من أعظم القيم الأخلاقية التي حث عليها الإسلام ترك الانشغال بما لا يهم الإنسان، سواء في القول أو الفعل، إذ إن الانشغال بما لا يعنينا يسبب الفوضى في حياة الفرد والمجتمع، ويؤدي إلى فقدان التركيز على ما هو مهم ومفيد فالنبي صلى الله عليه وسلم قال
“مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ” (رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني).
هذا الحديث الشريف يُعد قاعدة ذهبية للأخلاق الإسلامية، حيث يبين أن من مظاهر حسن إسلام الإنسان أن يبتعد عن كل ما لا يحقق له نفعاً دينياً أو دنيوياً.
معنى ترك ما لا يعنيني
في القول: تجنب الكلام في شؤون الآخرين أو الأمور التي لا تخصك. فالغيبة والنميمة والحديث فيما لا يفيد هي آفات تقطع العلاقات وتجلب الإثم وتأخذ منك الحسنات يوم القيامه
وفي الفعل: عدم التدخل في شؤون الآخرين، أو الانشغال بأمور لا تعود بالنفع، سواء في العمل أو الحياة اليومية.
فلهذا الأمر فوائد
1. راحة القلب والبال: البعد عن الفضول يقلل القلق والتوتر، ويحقق الطمأنينة.
2. التركيز على الأهم: حين يترك الإنسان ما لا يعنيه، يجد وقتاً وجهداً للأمور المهمة في دينه ودنياه
3. احترام خصوصيات الآخرين: عدم التدخل في حياة الآخرين يعزز المحبة والاحترام في المجتمع.
4. التخلص من الآثام: وذلك بترك الغيبة والنميمة والكلام فيما لا يفيد يحمي الإنسان من الوقوع في المعاصي.
والله چل وعلا يقول
“وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا” (سورة الإسراء: 36).
هذه الآية تؤكد أهمية تحري الأمور النافعة والابتعاد عن كل ما لا يعلم الإنسان حقيقته.
وقال تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ” (سورة المائدة: 101).
نهي واضح عن الفضول الذي قد يسبب الأذى للإنسان لذلك حث الإسلام على ترك ما يسبب أذى للإنسان وأثرا سلبياً لدى المجتمع
فالأثر السلبي للانشغال بما لا يعنينا يؤدى إلي
1. التفريط في الواجبات: الانشغال بتوافه الأمور يُلهي عن العبادات والعمل الصالح.
2. إثارة الفتن والمشكلات: التدخل في شؤون الآخرين يسبب الحقد والعداوة.
3. إضاعة الوقت: الوقت هو الحياة، والانشغال بما لا يفيد يهدر العمر دون فائدة فلابد على كل مسلم يسأل نفسه هذا السؤال
كيف أحقق هذا الخُلق؟
1. محاسبة النفس: اسأل نفسك قبل أن تتحدث أو تتصرف: هل هذا يعنيني؟ هل فيه نفع لي أو لغيري؟
2. إدارة الوقت: استثمر وقتك في أمور مفيدة كالعبادة، التعلم، والعمل الصالح وأهم مايستثمر به الإنسان نفسه هو ذكر الله تعالي وهو من أهم الأعمال قاطبة التى تنفع العبد في الدنيا والآخرة
3. احترام الآخرين: اجعل من نفسك نموذجاً لاحترام الخصوصية، وابتعد عن كل ما يزعج الآخرين.
4. التخلق بالصبر: في أحيان كثيرة، الفضول يكون نتيجة قلة الصبر، لذا تعلم أن تضبط نفسك وتتحلى بالهدوءفالصبر هذا من شيم الصالحين وكما قال القائل
الصبر مثل إسمه
مر مذاقته
ولكن عواقبه
أحلى من العسل
فترك ما لا يعنينا هو مفتاح من مفاتيح السعادة في الدنيا والآخرة، وهو خُلق نبيل يدل على رقي النفس وحسن إسلامها. فلنجعل هذا الحديث الشريف قاعدة لحياتنا:
“مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ”، ولنحرص على تطبيقه في أقوالنا وأفعالنا، فننال رضا الله ونعيش بسلام مع أنفسنا ومع الآخرين
نسأل الله السلامة والعافية

قد يعجبك ايضا
تعليقات