القاهرية
العالم بين يديك

دراسة لا تجد أي علاقة بين تناول البيض والسمنة

16

د. إيمان بشير ابوكبدة

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم الدواجن، أجرى الباحثون دراسة شاملة لتوضيح ما إذا كان الاستهلاك المتكرر للبيض يمكن أن يزيد من خطر السمنة لدى البشر الأصحاء. لقد راجعوا عقدين من الأدبيات الغذائية بين عامي 2002 و 2022 ووجدوا أن معظم العناصر الغذائية المشتقة من البيض (الليسيثين والبروتينات الدهنية غير المشبعة والأحماض الدهنية غير المشبعة) لا ترتبط بزيادة خطر السمنة. والمثير للدهشة أن معظم الأبحاث تشير إلى أن هذه العناصر الغذائية تقلل من احتمالية الإصابة بالسمنة من خلال تنظيم التمثيل الغذائي للدهون. وأشارت المراجعة أيضًا إلى أن الاستجابات الفردية للكوليسترول الغذائي تختلف، حيث تم تصنيف بعض الأشخاص على أنهم “مستجيبون بدرجة عالية” وقد يعانون من تغييرات كبيرة في مستويات الكوليسترول، مما يؤكد أهمية النصائح الغذائية الشخصية.

ومن الجدير بالذكر أن اختيار طريقة الطهي قد وجد أنه يغير بشكل كبير التركيبة الغذائية للبيض، وبالتالي يؤثر بشكل كبير على نتائجه الفسيولوجية على صحة الإنسان. وعلى وجه التحديد، تم تحديد البيض المسلوق على أنه الطريقة المثلى، حيث يحتفظ بالعناصر الغذائية الأكثر فائدة مقارنة بالبيض المسلوق أو المقلي. وباختصار، لم يرتبط تناول سبع إلى ثماني بيضات أسبوعيًا بزيادة خطر السمنة لدى البشر الأصحاء.

الخلفية
تعد السمنة واحدة من أبرز المخاوف الصحية العامة في المجتمع الحديث، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية أن واحدًا من كل ثمانية أشخاص يعانون من هذه الحالة. وتتميز هذه الحالة بوزن غير طبيعي (مؤشر كتلة الجسم [BMI] > 30). وترتبط بالعديد من الأمراض المزمنة والتي قد تهدد الحياة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع الثاني، وأمراض الكبد، وبعض أنواع السرطان.

ومن المثير للقلق أن انتشار السمنة يتزايد بمستويات غير مسبوقة، حيث تشير التوقعات الحالية إلى أن أكثر من نصف سكان العالم سوف يعيشون مع هذا المرض المزمن بحلول عام 2035. وقد حددت الأبحاث السابقة السلوكيات الصحية غير المثالية، وخاصة النظام الغذائي، باعتبارها من العوامل الرئيسية المساهمة في ظهور السمنة.

تمثل البيض مصدرًا يوميًا وبأسعار معقولة ومستهلكًا على نطاق واسع للبروتين عالي الجودة والعناصر الغذائية والأحماض الأمينية الأساسية. لسوء الحظ، البيض غني بالكوليسترول (حوالي 186 ملجم لكل بيضة كبيرة)، وهو عامل خطر ملحوظ للسمنة. في حين اقترحت العديد من الدراسات أن الاستهلاك المعتدل للبيض (1-2 بيضة يوميًا) لا يؤثر بشكل كبير على مستويات الكوليسترول المتداولة، إلا أن هناك تباينًا كبيرًا في الاستجابات الفردية، حيث يقوم بعض الأفراد باستقلاب الكوليسترول الغذائي بشكل أكثر فعالية من غيرهم. إن ندرة المراجعات الشاملة حول هذا الموضوع تجعل الأطباء وخبراء التغذية والمستهلكين على حد سواء غير متأكدين من التأثيرات الصحية للمغذيات المشتقة من البيض ومخاطر السمنة الفردية أو التكميلية.

حول الدراسة
هدفت هذهالدراسة إلى كشف العلاقة بين استهلاك البيض (لدى البشر الأصحاء) ومعدلات الإصابة بالسمنة، مع التركيز على التأثيرات الفردية والإجمالية للعناصر الغذائية المختلفة المشتقة من البيض، وبالتالي إعلام الإرشادات الغذائية المستقبلية بمزايا وعيوب استهلاك البيض (بما في ذلك إرشادات تناول البيض الموصى بها يوميًا/أسبوعيًا).
تم فحص المنشورات المحددة لاستبعاد التكرارات والاتصالات القصيرة وتقارير الحالات أو المنشورات التي تقدم معلومات غير كاملة. بعد ذلك، تضمنت الدراسة التي تم تجميعها منشورات تحدد السمنة بشكل موجز وتسرد مخاطرها الصحية واتجاهات الاستهلاك العالمية والانتشار الحالي والتوقعات المستقبلية. ثم حددت وقارنت البيانات حول العناصر الغذائية المشتقة من البيض والتي تشارك بشكل شائع في أبحاث السمنة، وخاصة الكوليسترول والليسيثين والأحماض الدهنية والبروتينات والفيتامينات والمعادن.

النتائج
وقد حددت الدراسة الكوليسترول باعتباره العنصر الغذائي الأكثر إثارة للجدل في الخطاب الدائر حول السمنة بسبب البيض، ولكنها سلطت الضوء على أن التعديل الداخلي للجسم البشري السليم للكوليسترول المستهلك خارجيًا أكثر من كافٍ لتفسير استهلاك البيض المعتدل (حوالي 1-2 بيضة يوميًا). فشلت الأبحاث السابقة في إثبات وجود رابط ملموس بين استهلاك البيض المعتدل والسمنة أو زيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم > 25). وتؤكد الإحصائيات الموجزة هذه الاستنتاجات، والتي تكشف أن تناول أقل من 10 بيضات في الأسبوع لا يغير بشكل كبير من خطر السمنة.

وعلى النقيض من ذلك، فإن البيض يعد أحد أكثر مصادر البروتين والأحماض الأمينية الأساسية صحة، كما يحتوى على كميات كبيرة من الفيتامينات والمعادن، مما يؤكد فوائده الصحية الشاملة. وذكر المؤلفون: “عندما يكون المدخول الأسبوعي بين سبع وثماني بيضات، فإن الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم الطبيعي أقل من 25 لا يتعرضون لخطر زيادة الوزن أو السمنة ويزيدون من تناولهم للعناصر الغذائية”.

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن طرق الطهي قد تغير من خصائص البيض الغذائية، حيث يؤدي القلي والتسخين الزائد إلى فقدان العناصر الغذائية. وقد تم التوصية بالبيض المسلوق كأكثر طرق التحضير مغذية، حيث يحتفظ بالدهون والعناصر الغذائية النشطة بيولوجيًا. ومع ذلك، قد يشكل بياض البيض غير المطبوخ جيدًا مخاطر بسبب العوامل المضادة للتغذية والتلوث البكتيري. تعتبر التوصيات الغذائية الحالية البيض المسلوق أو المسلوق جيدًا هو الأكثر صحة، على الرغم من أن هناك حاجة إلى أبحاث مستهدفة إضافية لتأكيد هذه الافتراضات.

الاستنتاجات
تسلط الدراسة الشاملة الحالية الضوء على الافتقار إلى الأدلة التي تربط بين الاستهلاك المتكرر ولكن المعتدل للبيض وزيادة خطر السمنة. تكشف الأدبيات المحدودة التي تبحث في محتوى الكوليسترول في البيض والنتائج الصحية غير المرغوب فيها أن آليات تعديل الكوليسترول الذاتية في جسم الإنسان كافية لتفسير الكوليسترول الزائد المشتق من البيض. على النقيض من ذلك، يعد البيض أحد أكثر مصادر البروتين والأحماض الأمينية الأساسية والمغذيات الدقيقة المفيدة لصحة الإنسان.

باختصار، الفوائد الصحية للبيض تجعله إضافة مثالية للنظام الغذائي اليومي للبشر. في حين أن الأشخاص الذين يعانون من حالات الكوليسترول الموجودة مسبقًا (تفاعلية عالية أو قيم أساسية عالية) قد يحتاجون إلى تقييد استهلاكهم الأسبوعي للبيض، يجب ألا يكون لدى الأفراد الأصحاء أي مخاوف بشأن أقل من 10 بيضات أسبوعيًا. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لاستكشاف كيف تؤثر الأنماط الغذائية الثقافية واستهلاك البيض على خطر السمنة، حيث تختلف عادات الأكل بشكل كبير بين السكان. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد أفضل طرق الطهي لامتصاص العناصر الغذائية في البيض بشكل مثالي.

قد يعجبك ايضا
تعليقات