د. إيمان بشير ابوكبدة
يعد السكر أحد المكونات الأكثر شيوعا في النظام الغذائي، وهو أمر مهم بشكل خاص عند الحديث عن مرض السكري، وهو المرض الذي يواجه فيه الأشخاص صعوبة في تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم. ثم يطرح السؤال ما إذا كان الاستهلاك المفرط للسكر هو طريق مباشر لتطور المرض.
والحقيقة أنه لا توجد مثل هذه العلاقة الخطية، ولكن هناك أسباب للإعتدال في تناول السكر وتجنب بعض المصادر التي يتم الحصول عليها من السكر. على وجه الخصوص، عندما نشير إلى المحليات المضافة، حيث أن امتصاصها يكون أسرع.
الأدوار التي يلعبها الجلوكوز والأنسولين في مرض السكري
لفهم العلاقة بين السكر ومرض السكري، من المهم أن تكون واضحًا بشأن كيفية عمل عملية التمثيل الغذائي. عندما نستهلك الأطعمة التي تحتو على السكريات، يقوم الجسم بتفكيكها إلى جلوكوز.
الجلوكوز هو المصدر الرئيسي للطاقة لأنسجتنا. الآن، لكي تتحول المادة إلى طاقة، فإن الأمر يتطلب عمل الأنسولين ، وهو هرمون يفرزه البنكرياس، ووظيفته إدخال الجلوكوز إلى الخلايا.
الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول لا ينتجون الأنسولين، أما بالنسبة للمصابين بداء السكري من النوع الثاني، فإن الجسم لا يستخدمه بشكل صحيح. لذلك، يواجه كلاهما صعوبة في إدخال السكر إلى خلاياهما.
ونتيجة لذلك، يتراكم الجلوكوز في مجرى الدم، مما يؤدي إلى حالة ارتفاع السكر في الدم وهذا، إذا استمر مع مرور الوقت، يسبب عواقب سلبية للغاية على الصحة.
على المدى الطويل، يرتبط ارتفاع السكر في الدم بتلف الأعضاء، مثل القلب والكلى والعينين. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يزيد من خطر حدوث مضاعفات خطيرة، مثل الفشل الكلوي أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
ولهذا السبب من المهم التحكم في تناول السكر. خاصة بين الأشخاص المصابين بداء السكري أو مقاومة الأنسولين. الحالة التي تحدث عندما لا تستجيب الخلايا بشكل جيد للهرمون.
استهلاك السكر وتطور مرض السكري
إن تناول كميات كبيرة من السكر لا يؤدي مباشرة إلى الإصابة بمرض السكري. وهو مرض متعدد الأسباب، حيث تتدخل عوامل مثل العمر وعلم الوراثة ونمط الحياة ووزن الجسم.
لكن الإفراط في تناول السكر بشكل مستمر مع مرور الوقت – في إطار نظام غذائي غير صحي بشكل عام – يساهم في زيادة الوزن. خاصة عندما تكون المصادر هي المشروبات السكرية والمعجنات والحلويات.
يتطلب تناول هذه المنتجات في كثير من الأحيان من البنكرياس إنتاج المزيد من الأنسولين، من أجل الحفاظ على استقرار مستويات الجلوكوز في الدم. مع مرور الوقت، تؤدي مثل هذه المطالب إلى إرهاق العضو، مما يزيد من فرص الإصابة بالسمنة ومقاومة الأنسولين .
ولهذا السبب ينصح بتقليل السكر المكرر في النظام الغذائي. وعلى الرغم من أننا نحتاج إلى الطاقة من الجلوكوز، إلا أنه يفضل الحصول عليها من مصادر صحية أخرى، مثل الفواكه والخضروات والمحليات الطبيعية.
كوسيلة للوقاية من مرض السكري، توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بالحد من الاستهلاك اليومي لجميع أنواع السكر إلى 10٪ من إجمالي السعرات الحرارية. ومن الناحية المثالية، يُنصح بتقليلها إلى 5%، وهو ما يمثل 25 جرامًا أو 5 ملاعق صغيرة يوميًا لشخص بالغ سليم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن العادات اليومية التالية من شأنها أن تساهم في تحقيق نفس الهدف:
إعطاء الأولوية للأطعمة الطازجة: من الأفضل أن لا تحتوى على مواد كيميائية مضافة.
التقليل من تناول الكربوهيدرات النشوية: مثل المعكرونة والخبز والأرز الأبيض.
تقليل الحلاوة تدريجيا: يتكيف الحنك مع ما نأكله، لذا فإن تقليل تناول الحلويات تدريجيا يعد استراتيجية جيدة. ولهذا السبب، تعمل بدائل السكر كمرحلة انتقالية.
اختر الأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض: هذه هي المنتجات التي تطلق الجلوكوز ببطء في مجرى الدم، مما يساعد على الحفاظ على مستويات أكثر استقرارا. ومن الأمثلة على ذلك الشوفان والبقوليات والعديد من الخضروات.
قراءة الملصقات الغذائية: يعد تعلم قراءة الملصقات الغذائية أمرا ضروريا للاستهلاك الواعي. أحيانا يكون للسكريات المضافة أسماء لا نتعرف عليها على الفور، مثل الشراب أو دبس السكر أو المالتوز أو الفركتوز أو السكروز أو شراب الذرة.
اختر البروتينات الخالية من الدهون: حاول تضمين الأطعمة التي تحتوى على الدهون الصحية والتي تعتبر مصدرا للبروتين الخالي من الدهون. والخيار الجيد هو السمك، الذي يساعد في الحفاظ على التحكم الأيضي. إذا قمت بالحد من الدهون المصاحبة للبروتينات، فإنك تمنع أيضا مشاكل أخرى، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
تفضل الفواكه التي ترفع نسبة السكر في الدم بشكل أقل: على الرغم من أنها جميعها صحية، إلا أنه من المهم التحقق من مؤشر نسبة السكر في الدم (GI) للفواكه. على سبيل المثال، يحتوى البطيخ والأناناس والموز على مؤشر جلايسيمي أكبر من 70، وهو ما يعتبر مرتفعا، حيث يرفعون نسبة الجلوكوز في الدم بشكل أسرع. من ناحية أخرى، يحتوى التفاح والخوخ والكيوي والتوت والعنب والكمثرى على مؤشر جلايسيمي أقل.
هل يمكن لمرضى السكر تناول السكر؟
بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري، يعد التحكم في مستويات الجلوكوز في الدم أمرا ضروريا لتجنب المضاعفات الخطيرة. تنصح الجمعية الأمريكية لمرض السكري المرضى بالحد من تناول السكريات المضافة، مثل تلك الموجودة في الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية.
ليس من الضروري أو الممكن التخلص من السكريات بشكل كامل من النظام الغذائي، ولكن يمكنك تغيير المضافة والصناعية للمصادر الطبيعية للكربوهيدرات المعقدة . على سبيل المثال، الفواكه والحبوب الكاملة والخضروات والشوفان والبقوليات. أنها توفر المزيد من الفيتامينات والمعادن. بالإضافة إلى ذلك، فهي تحتوى على الألياف، وهو مكون يؤخر امتصاص الجلوكوز في الأمعاء.
يمكن أن تكون المحليات الصناعية، مثل ستيفيا أو إريثريتول، بدائل لتحلية الأطعمة دون رفع نسبة السكر في الدم. وأيضا المحليات الطبيعية، مثل شراب الخروب أو سكر جوز الهند.