القاهرية
العالم بين يديك

بغداد

14

الشاعر / محمد منصور

وللمنصور بنتٌ في بلادي
وفاق جمالُها كلِّ العذارى
وكم من سحرِكانت قد تحوزُ
وها كلُّ النسا صاروا غيارى
وقد سلبت قلوبَ العاشقين
وكم زانت وكم لبست سوارا
وذي بغدادُ كم كانت عمارا
لكلِّ العلم كم كانت منارا
وقد ذاعت صنوف العلم فيها
وكم للعلم مِنَّا قد تبارى
وكم بالعلم قد زانت بلادٌ
وكان العلم في بلدي شعارا
وكم بالجهل قد صغِر الكبارُ
وكم بالعلم قد أضحى الصِغارا
وكم حازت علوم الأرض فيها
ومن طلب العلا فلها أشارا
وكم من عالمٍ راح إليها
وكان العلم ليلاً أونهارا
فكم من عالِمٍ من كلِّ فجٍ
أتى لها وقد صارت خيارا
وكم للعلم من يغدو ويسعى
وكم للعلم قد جُبْنا بِحارا
وكم بالعلم قد قامت حضارة
وكم بالعلم فينا من أدارا
وكم بالعلم قدهيبت نفوسُ
وقد منح لنا علمٌ وقارا
وكم للعلم قد أحيا أُناسا
وكم بالجهل من مات انتحارا
وكم تعِبوا لتحصيلِ العلومِ
وكم للعلم من ركِبَ وطارا
وكم بالعلم قد أُسِرَتْ بحورُ
وكم بالعلم قد عَمُرَت صحارى
وكم رَفَعت علوم الأرض إنساً
وكم للعلم من شعبٍ تبارى
وكم عاش الظَّلام بغير علمٍ
وكم من شعبِ قد تاهَ وحارا
وظلَّت مهد إيماناً وأمناً
وكم كانت ملاذاً للحيارى
فكم مُدَت لنا أرضٍ بوادٍ
وكم شيدنا مُدِنا لا ديارا
وكانت للأكارم دار عزِّ
وكلٌّ للضعيفِ قد أجارا
وفي كربٍ وفي جوعٍ فقومي
أغاثوا النَّاس سرَّاً أو جهارا
وما قطعوا لودٍّ أو لحبٍ
وكم وصلوا لذي رحمٍ وجارا
وكم إسلامنا رُفِعَ عليَّاً
وكم بذلوا من الجهد القُصارى
وها للحرب من يدعو ببغضٍ
وكم للسْلمِ من ذهبَ وسارا
وقد شُنَّت حروبٌ من أعادي
وكم من غاصبٍ لها أغارا
وما خفنا وقد كُنَّا أسوداً
وكم فزنا وكم حُزنا أسارى
وفي حِطِّين كم كُنَّا رجالاً
وفي جالوت من دحر التتارا
وها لعراقِنا تاريخ مجدٍ
وقد دامت لنا بلدي افتخارا
وقد مدَّ الإله العون منه
وبعد الحرب قد كان انتصارا
ونصر الله آتٍ لا محالة
وها خصمي وقد بات احتضارا
وكم سُدنا لكلِّ الأرضِ يوماً
وكم ذاق لنا خَصمٌ مُرارا
هُنا بغداد كم كانت كبدرٍ
وها زمني وقد قُلِبَ ودارا
وبعد مكائدَ حلَّت ببلدي
فها بغداد قد أمست دمارا
مضى التَّاريخُ بالعصر المجيد
وها بغداد قد قلبت مسارا
وها الأيَّامُ قد دارت علينا
وبعد النَّصرِ قد جاء انكسارا
وصرنا في نزاعٍ يا رفيقي
وذي بلدي وقد كَثُرَ الشِّجارا
رأينا الأهل في حربٍ ضروسٍ
وكم من الأهل قد عادى ومارى
وكم رُعِبت قلوبُ الآمنين
وكم عينٍ وقد باتت سهارى
وبثُّوا الرُّعبَ في كلِّ الجهات
كأن النَّاسَ من هولٍ سكارى
وكم سُفِكَت دماءُ بكلِّ أرضي
وها أرضي وقد أمست بوارا
وما أبقوا زروعاً أو زهوراً
وذي بلدي وقد صارت قُفارا
سنين الحربِ قد طالت علينا
وقد جاءوا وقد عادوا مِرارا
كأنَّ الناسَ قد كانوا بحلمٍ
وإن الحلم قد أمسى بخارا
وكم فعلوا بنو قومي بأهلٍ
فكم فسدوا وكم هدموا جِدارا
فعودوا شعبُنا للصلح دوماً
وغيرَ الصُّلح ما لنا اختيارا
ولمُّ الشمل قد طال صديقي
فهيَّا لملِموا ‘ خُذوا القرارا

قد يعجبك ايضا
تعليقات