القاهرية
العالم بين يديك

السُّودان

11

الشاعر / محمد منصور

وسودانٌ لنا أمست يبابا
بكلِّ الوقت قد زرعوا خرابا
وفي مُدني فقد صارت حروباً
ومن قومي وقد قتلوا لُبابا
وكم ضاعت لنا أيَّامُ عزٍّ
وكم قد بوَّروا أرضا خِصابا
أرى شعبي وقد طال المُصابُ
فقد نزحوا وقد قُتِلوا سِغابا
بلا هدفٍ فقد صار العداءُ
ويسقوا النَّاسَ ألواناً عذابا
وفي نصَبٍ وفي تعبٍ فأمسوا
وها بلدي وقد كانت شِهابا
وعمَّ جوَّنا كلِّ الهَبَابِ
واضحى حالُنا دوماً عُجابا
بلا عقلٍ أقاموا الرُعبَ فينا
فقد نهبوا وقد سرقوا التُّرابا
وباتوا في صِراعٍ مُستدامٍ
حديدٌ لان من حربٍ وذابا
وفي حربٍ ضَروسٍ قد يجولوا
وسهم الموتِ فينا كم أصابا
شبابٌ من بني وطني وراحوا
وقد سُئِلوا وما ردُّوا جوابا
وكم من ظالمٍ يطغى بفُحشٍ
ومن وطني وقد أمسوا ذِئابا
ولم يُبقوا لزرعٍ في البراري
وقد أفنوا وما تركوا غُرابا
وكم من غاصبٍ أضحى قويَّاً
ومن قومي ولا يخشى حِسابا
ومن حتفٍ فقد زاغ البرايا
ومن هولٍ فإنَّ الشعر شابا
وريح الموتِ في كلِّ النواحي
فكم عاثوا وكم ذَبحوا شبابا
وكم سالت دماءٌ من نساءٍ
به قد صارت الأرضُ خِضابا
ومن أصناف خوفٍ قد رُوِينا
فكم ذُقنا وكم نُلنا عِقابا
فقد فعلوا كما فعل العدوُّ
وقد هدموا ولم يستبقوا بابا
وبَثُّوا الرُّعب في كلِّ الأنامِ
وأيَّامٍ لنا أضحت صِعابا
وقد أمضوا سنيناً في خِصامٍ
وحرب الأهل كم حصدت رِقابا
وقد لَعِبوا بأرواح الحيارى
كأن الخلق قد أمسوا ذُبابا
وكلٌّ حمَّل الوزرَ أخوه
وكلٌّ ها هنا سبَّ وعابا
مساجدنا سعادتنا هلُمُّوا
فهل من عاقلٍ صلَّي وتابا
فهيَّا قومُنا عودوا لرشدٍ
ومن يذهب لربٍ قد أنابا
فاستعصِموا بحبلِ الله دوماً
فأعداءٌ لنا صاروا كِلابا
ومن يُرد الهُدى هداهُ ربِّي
ومن شاءَ سعى إليهِ مِآبا
سنمضي في التَّصالحِ والحوارِ
ومن يفسد فقد خسر وخابا
فكُنَّا من رغيد العيش نحيا
لنا فيها مُقامٍ حُلو طابا
وما نسْفُ المكائدِ بالخيالِ
ولكن يُنشرُ السِّلم غِلابا
ومن آخى أخاهُ ظلَّ يقوى
ومن عادى أخاهُ لن يُهابا
لنا ماضٍ عريقٍ يا بلادي
وقد دامت بعيشٍ استطابا
وكان الأهلُ في سِعةٍ يعيشوا
بجنَّاتٍ وأنهارٍ رِحابا
كأن النَّاس قد كانوا بحلمٍ
وكلُّ الحلم قد أمسى سَرابا

قد يعجبك ايضا
تعليقات