بقلم: وليد درويش
يبدأ فصل جديد من الصراع في لبنان، وسط دوامة النزاع مع الكيان المحتل والانقسام السياسي الداخلي، الذي يعجّ بطوائف وأحزاب تعارض سيطرة حزب الله على الدولة اللبنانية وإقحامها في حرب ضروس مع الكيان المحتل تحت دعوى الدفاع عن النفس. يتهم البعض حزب الله اللبناني، الموالي لإيران وأحد أهم أذرعها في المنطقة، بتوريط لبنان في هذه الأزمة.
في هذا السياق، قامت إسرائيل بعمليات استهداف واغتيال لقيادات الصف الأول والثاني في حزب الله، وبدأت بضرب البنية التحتية في الجنوب وضواحي بيروت، إلى جانب عمليات برية في الجنوب أدت إلى نزوح الأهالي نحو الشمال. هذا النزوح شكل ضغطًا كبيرًا على موارد الشمال اللبناني ذي الأغلبية السنية، مما تسبب في حالة من الامتعاض الشعبي، وزاد من حدة الانقسام الداخلي الذي قد يؤدي، إذا تفاقم، إلى حرب أهلية، خاصة أن الجيش اللبناني يعاني من حظر التسليح منذ عام 2006، مما يجعله ضعيفًا أمام نفوذ وقوة حزب الله.
وفي تطور جديد، اختار “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم زعيمًا جديدًا للحزب خلفًا لهاشم صفي الدين، الذي تولى القيادة بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام السابق للحزب. وُلد قاسم في بيروت عام 1953 لعائلة من الجنوب اللبناني، وبدأ نشاطه السياسي مع حركة “أمل” قبل أن ينضم إلى “حزب الله” عام 1982 عقب الغزو الإسرائيلي للبنان، ويصبح أحد أبرز المتحدثين باسم الحزب.
في خطابه الأخير، أكد قاسم أن الصراع مع إسرائيل هو صراع “من يبكي أولًا”، مشددًا على أن حزب الله لن يكون الطرف الضعيف رغم الضربات التي تعرض لها، وأشار إلى دعم الحزب لجهود رئيس مجلس النواب نبيه بري لوقف إطلاق النار، مع تجاهله شرطًا كان دائمًا يتحدث عنه وهو هدنة غزة كشرط مسبق.
من جانبها، ترفض إسرائيل شروط حزب الله وحماس في أي مفاوضات، بل رفعت سقف مطالبها لتشمل نزع سلاح الحزبين وإخراجهما من المشهد السياسي. هذا التصعيد ينذر بتمديد النزاع في المنطقة، مما قد يؤدي إلى اندلاع صراعات داخلية في لبنان وفلسطين، وهو ما تتطلع إليه إسرائيل لتحقيق مكاسبها التوسعية، وتغيير التركيبة الطبوغرافية على الأرض بدعم وضمانات دولية، ما قد يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية وتغيير حدود عام 1967.
وبينما تخطط إسرائيل وإيران للسيطرة على الساحة، تستنزف الموارد البشرية والاقتصادية للدول العربية وتُحوَّل إلى دويلات صغيرة بدعم من الغرب. تقف مصر وبعض الدول العربية والإسلامية عائقًا أمام هذا المخطط، متبعة استراتيجية تهدف إلى منع التصعيد وحماية مكتسبات التنمية في المنطقة.
نتمنى من الأمة العربية والإسلامية أن تصحو وتتحد قبل فوات الأوان.
تحيا مصر حرة أبية، شامخة بين الأمم.