القاهرية
العالم بين يديك

ابتزاز الغرب من قبل الكيان وحلمه بالتوسع على جثث الجيران والأوطان

19

بقلم / وليد درويش

تصاعدت الأزمات في منطقة الشرق الأوسط بصعود حكومة يمينية متطرفة بقيادة نتنياهو رئيسًا للوزراء، وبعضوية أيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي، وسيموتريتش وزير المالية. ومن اليوم الأول، كانت النية مبيتة لجعل منطقة الشرق الأوسط بؤرة صراع مشتعل لتحقيق هدف الكيان الإسرائيلي المحتل، وهو حلم التوسع والتمدد لدولة إسرائيل، لتحويل العمق الاستراتيجي، الذي يمثل نقطة ضعف للقوة الشاملة للكيان، إلى قوة استراتيجية بعمق أكبر وتمدد أكبر للمستوطنات، على حساب القضية الفلسطينية ودول الطوق.

بحثت ودبرت وخططت الحكومة الإسرائيلية لسيناريو محكم للتوسع وتقليم أظافر فيلق القدس والمد الشيعي المتاخم لحدودها، من خلال اختراق تلك الميلشيات، بما في ذلك حركة حماس. وقاموا بزرع أفكار إحياء القضية الفلسطينية وضرورة عمل شيء ما. وواصلت إيران التواصل مع حركة حماس لحثها على القيام بعمل نوعي، حيث وقفت جميع حركات وميليشيات فيلق القدس، المتمثلة في حزب الله اللبناني، وحزب الله السوري، وميليشيات العراق، والحوثيين باليمن، صفًّا واحدًا قلبًا وقالبًا معهم في تلك العملية.

وبالفعل، دون تخطيط جيد لأبعاد تلك العملية، قامت حركة حماس في 7 أكتوبر منفردةً، دون الرجوع للفصائل الفلسطينية إلا بعد إتمام العملية بأربع ساعات، وأخذ رهائن من جنسيات مختلفة. ونجحت إسرائيل في حشد دعم عالمي كامل للتسليح وتسويق فكرة المظلومية الأبدية، وبدأت بحربها الضروس على قطاع غزة وتدمير البنية التحتية للقطاع. وقد نتج عن ذلك مقتل حوالي 41 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من مئة ألف. كما قُتل واغتيل معظم قادة حماس وحزب الله اللبناني والسوري، وقتل أيضًا قائد فيلق القدس وأعوانه ومستشاريه، ودُمرت مصانع الأسلحة الصاروخية في سوريا، والبنك المركزي لحزب الله، وقيادة الصف الثاني. كل ذلك في غياب منظمات المجتمع الدولي، وأصبحت اللعبة أشبه بمسرحية كوميدية ساخرة، معروفًا مشاهدها مسبقًا بعلم الوصول.

فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا استفادت حماس وحزب الله اللبناني وحزب الله السوري وميليشيات العراق والحوثيون من الهجوم؟ هل تم تحرير الأراضي المحتلة، أم زادت الأراضي المحتلة على جثة الأوطان في خمس عواصم عربية، مع حجم دمار هائل وقتلى بالآلاف، ناهيك عن الخسائر المدنية والاقتصادية والعسكرية لكل دول المنطقة؟

هل كانت العملية هي إحياء القضية الفلسطينية، أم التوسع على أنقاض خمس دول عربية وتهجير سكان غزة وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد؟ هل كانت هذه العملية فصلًا جديدًا من الفوضى الخلاقة، لكن بشكل دراماتيكي سافر، لعبت فيه أجهزة الاستخبارات دور البطولة، والجندي المجهول في ذات الوقت؟

هل رؤية وخطط الشرق الأوسط الجديد، المعلن عنها منذ سنوات، قيد التنفيذ بمساعدة النمر الورقي إيران وأذرعها في المنطقة؟ ولولا إيران، ما كانت الزريعة لإسرائيل بشن كل تلك الحروب على دول الجوار. ومن الواهم من يظن أن الحرب قد انتهت، فالمخطط عظيم والأطماع تشمل كامل المنطقة العربية.

دور مصر في المنطقة هو بمثابة آخر معاقل الوسطية والاعتدال والتوازن الإقليمي، تلعب مصر بحكمتها وصبرها الاستراتيجي دورًا مهمًا في عدم توسيع الحرب إلى حرب إقليمية طاحنة أو أن تكون المنطقة ساحة لحرب عالمية مرتقبة لا تبقي ولا تذر. وكم نادت مصر وناشدت الدول العربية بضرورة إنشاء قوة عربية مشتركة للدفاع عن الأمن القومي العربي ضد أطماع الطامعين، بعد أن كشفت النوايا المبيتة للمنطقة، لكن دون جدوى، والآن يندمون بعد أن أصبح الندم لا يفيد والخطر داهم من كل صوب وحدب.

لكن ستظل مصر حصن العروبة الحصين، وستقف وتقدم المشورة والدعم للدول الوطنية، وليست للمليشيات التي تختطف الأوطان. دامت مصر حرة أبية، شامخة هاماتها، عزيزة صواريها بين الأمم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات