القاهرية
العالم بين يديك

حمير العصر الحديث

56

 

بقلم السيد عيد

 

في يوم جميل مليء بالتفاؤل الحكومي والإصلاحات الاقتصادية “الملهمة”، خرجت علينا الحكومة بقرار جديد يزيد من جمالية الحياة: زيادة أسعار البنزين! نعم، هذا القرار الذي طالما انتظرناه بفارغ الصبر كي يرفع من مستوى حياتنا ويجعلنا نشعر وكأننا على أبواب “التنمية الشاملة”.

 

الحكومة لم تنسَ أن تضيف لمستها الفنية على القرار، حيث تفضل دائمًا أن تلبس الحمار حلّة جديدة، وتحاول إقناعنا بأنه تحول إلى حصان سباق. فها هي تحاول مرة أخرى أن تزين هذا القرار بحججٍ اقتصادية مشهورة: “الأسعار العالمية”، و”إصلاح الدعم”، و”تشجيع التحول إلى الطاقات المتجددة”. ولكن، للأسف، ما زال الحمار حمارًا، حتى لو ارتدى أفخم الأزياء.

 

في عالمنا الحديث، حيث يسود الانبهار بالتكنولوجيا ووسائل النقل الفائقة السرعة، والزيادة الغريبة للغاية في أسعار البنزين يظل هناك شيء غريب هو حب الناس لركوب الحمير. يبدو أن هذه المخلوقات البسيطة التي اعتقدنا أننا تخطيناها لا تزال تجد طريقها إلى قلوبنا وجيوبنا ولكن بطريقة تجعلنا نتساءل: هل نحن فعلاً نتقدم أم أننا نقفز إلى الوراء؟

 

حمير العصر الحديث: لا صوت يعلو فوق صوت الحمار!

 

في زمن تُعتبر فيه السيارات هي الوسيلة الأكثر حضارية، لماذا نفكر لنعود لنركب الحمير؟ يبدو الأمر كما لو أن هناك الكثير من الناس لا تزال تؤمن بأن زيادة أسعار البنزين هي السبيل للركوب على ظهر الحمار بدلاً من السيارة. ولعل أبرز ما يميز الحمير هو وفرة الفوائد: فهي صديقة للبيئة، لا تحتاج إلى بطاريات،ولا بنزين ورغم أن طاقتها المحدودة قد تجعلنا نصل متأخرين، إلا أنها تمنحنا وقتًا للتفكير في خيارات حياتنا المهببة بعوادم السيارات.

 

دعونا نتخيل المشهد: ساحة المدينة مزدحمة، وفجأة تنطلق سيارة فاخرة ببطء بجانب حمار يمشي بثقة. يتبادلان النظرات، وكأن الحمار يقول “مرحبًا بك في عالم البساطة!” في حين تكتفي السيارة بالتلويح بماتورها الجبار وتانكها الفارغ من البنزين .

ربما يجب أن نفكر في تحديث مفهوم النقل لدينا وأن تعمل السيارات بشئ آخر غير البنزين .

 

 

مما لاشك فيه وجود استياء عدد كبير من الشعب تجاه قرارات الحكومة بزيادة أسعار البنزين دون مراعاة لاحتياجات الشعب أو ظروفهم. ببيروقراطية زائدة وتعامل مع المواطنين بطريقة تقلل من قيمتهم كمشاركين في المجتمع.

 

باختصار، استخدام عبارة مثل “حمير العصر الحديث” يعكس غضبًا شعبيًا تجاه سياسات قد تكون غير عادلة، أو تفتقر إلى الشفافية والعدالة الاجتماعية.

 

المواطن العادي، الذي بالكاد يستطيع التوفيق بين راتبه واحتياجاته الأساسية، فوجئ بأن الحكومة تهديه هذا القرار الثوري. ولكن، لا تقلق! الحكومة تعتقد أن هذه الزيادة ستحقق التوازن المالي وتدفع نحو التنمية الاقتصادية. يا له من تفاؤل ساحر! ربما يومًا ما، سنصبح قادرين على شراء البنزين بأقلام الرصاص، لأن ذلك سيكون أكثر واقعية من دفع ثمنه الحالي.

 

بعد الزيادة، يبدو أن الحكومة تشجع المواطنين على اتخاذ خطوات نحو “الحياة البدائية القديمة”، وربما العودة إلى أيام الدواب. فلا حاجة للقلق بشأن ارتفاع أسعار البنزين عندما يمكنك ركوب “الحمار بحلته الجديدة”. وإذا كنت تشعر بالتعب، يمكن للحمار أن يأخذك في جولة استكشافية عبر أحياء المدينة، لتشعر حقًا كيف تكون الحياة بدون سيارات!

 

وفي الوقت الذي نرى فيه حكومات العالم تسعى لتخفيف العبء عن مواطنيها، حكومتنا المحترمة قررت أن تُلهمنا بالتأقلم مع الظروف الصعبة. فكما يقال، “الشدائد تصنع الرجال”، والزيادات في أسعار البنزين تصنع المواطن “المبتكر” الذي يجد حلولًا غير تقليدية للتنقل.

 

في الختام، علينا أن نشكر حكومتنا على هذه الفرصة الذهبية للتعلم والتطور. فبدلاً من الاعتماد على البنزين كوسيلة رئيسية للحياة اليومية، أصبح لدينا الدافع لاستكشاف وسائل أخرى للتنقل، مثل المشي، ركوب الدراجات، أو حتى ركوب الحمير بحلتها الجديدة طبعًا.. حمير ولكن بحلة جديدة!.

قد يعجبك ايضا
تعليقات