القاهرية
العالم بين يديك

عيد علي يكتب القوة العسكرية الإسرائيلية: مسار إلى الهاوية أم تأكيد للهيمنة؟

38

تشير الأحداث الأخيرة إلى أن النهج العسكري الذي تتبعه إسرائيل قد لا يكون مستدامًا على المدى الطويل فتصاعد الرفض العربي والدولي للسياسات الإسرائيلية، ووجود حركات مقاومة مثل حماس، يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة. من الواضح أن القوة العسكرية لن تنجح في القضاء على التحديات الدائمة التي تواجهها إسرائيل.

من الضروري أن تدرك القيادة الإسرائيلية أن استمرار السياسات العدائية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع في نهاية المطاف، الاعتراف بحقوق الآخرين هو الطريق نحو تحقيق السلام الدائم، وأن الحلول السلمية هي الوحيدة القادرة على تغيير المعادلة في الشرق الأوسط.

إلا أنه مع الذكرى السنوية لحدث 7 أكتوبر تحاول إسرائيل تأكيد هيمنتها في المنطقة من خلال رسالة واضحة إلى دول الشرق الأوسط والعالم: نحن قد رممنا آلية الردع. الدمار الذي أحدثته الأحداث في غزة يعد بمثابة مقدمة لتحولات استراتيجية جوهرية، بدأت بانفجارات أجهزة البيجر في 17 سبتمبر، تلاها سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت أمين عام حزب الله وكبار المسؤولين في المنظمة، فضلاً عن المناورات العسكرية التي شهدها جنوب لبنان، والهجمات المستمرة على غزة واليمن وسوريا. كما تم تصفية الحسابات مع عبد العزيز صالحة، أحد منفذي الهجمات في رام الله قبل 24 عامًا.

ولم تكتفِ إسرائيل بذلك، بل استخدمت طائراتها الحربية ضد مخيم طولكرم للاجئين في الضفة الغربية، مما جعل الأنظار تتجه نحو ردود الفعل المحتملة من إيران.

تبدو كافة الخيارات مفتوحة، فهل من الممكن لأي أحد أن يتحدى دولة إسرائيل؟ حتى الأمين العام للأمم المتحدة لم يسلم من كون تل أبيب تعتبره شخصية غير مرغوب فيها، كما صرح بذلك وزير الخارجية الإسرائيلي كاتس. تواصل إسرائيل، بقبضتها القاسية، تجاهل أي حكم أو ضغط دولي، متمسكة بمبدأ القوة لتحقيق “النصر المطلق”.

والحق اقول لكم أنه رغم كل الهجمات والقدرات العسكرية والاستخباراتية المتزايدة، فإن الواقع في الشرق الأوسط لن يتغير بمجرد استخدام القوة.
قد تتمكن إسرائيل من خلق صورة الدولة القوية على المدى القصير، ولكن القمع المستمر للفلسطينيين، وبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، والاعتداءات على لبنان وسوريا، لن تؤدي إلا إلى زيادة مشاعر الكراهية والتوتر.

تاريخ المنطقة مليء بالدروس المستفادة من السياسات المتعجرفة. كما رأينا في 6 أكتوبر 1973، عندما أدت الأخطاء الاستراتيجية إلى حرب أكتوبر حاولت إسرائيل ترميم ردعها بسرعة، لكنها أدركت في النهاية أنها تحتاج إلى التنازل عن احتلال سيناء لتهدئة الجبهة العربية.

أريئيل شارون، الذي عُرف بارتباطه بالمستوطنات، وُجد مضطرًا لتقديم خطة سياسية تتضمن انسحابًا من قطاع غزة. إن عدم الاعتراف بالقيادة الفلسطينية وتقليص الخيارات المتاحة أمامهم قد ساهم في تقوية حماس على حساب السلطة الفلسطينية.

ورغم قدرة إسرائيل على استخدام القوة الجوية، فإن التاريخ يثبت أن الحلول العسكرية وحدها لن تضمن السلام أو الاستقرار. على العكس، القوة الزائدة ستؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها. ومن موقع القوة، يجب على إسرائيل الاعتراف بحقوق الآخرين، حيث إن التفوق العسكري والمطالبات بالأراضي لن تؤدي سوى إلى تعزيز التطرف، ولن تتوقف الأزمات إلا عندما تعيد النظر في استراتيجيتها بشكل جذري.

بينما تتجه الأنظار إلى تصاعد الأحداث والتوترات في المنطقة، يبقى السؤال الأهم: هل ستدرك إسرائيل ضرورة تغيير استراتيجيتها وتبني نهجًا يعترف بحقوق الفلسطينيين، أم ستستمر في السير على نفس الطريق المليء بالأزمات؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال، لكن الأمل في تحقيق السلام والاستقرار لا يزال قائمًا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات