القاهرية
العالم بين يديك

دور المشاعر في اتخاذ القرارات

200

 

بقلم: بسمة خالد
أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري

المشاعر هي استجابات نفسية فطرية ناتجة عن تفاعلنا مع الأحداث من حولنا، ولها تأثير مباشر على قراراتنا في الحياة. سواء كنا ندرك ذلك أم لا، فإن مشاعرنا تلعب دورًا محوريًا في توجيه اختياراتنا وردود أفعالنا تجاه المواقف اليومية. يتمثل هذا التأثير في الحافز الداخلي الذي يدفعنا نحو السلوكيات والقرارات التي نشعر بأنها الأنسب لنا في تلك اللحظة.

تُعتبر المشاعر إشارات طبيعية تنبع من الجهاز العصبي، حيث تتفاعل مع المحيط الخارجي وتجعلنا نستجيب للمواقف بطرق مختلفة. هذه الاستجابة هي نتاج تفاعل كيميائي يحدث في الدماغ نتيجة المؤثرات الخارجية مثل العلاقات والمواقف الاجتماعية. على سبيل المثال، عند مواجهة موقف خطير، نشعر بالخوف الذي يؤثر على معدل ضربات القلب ويدفعنا إلى اتخاذ قرار سريع، إما بالهروب أو المواجهة.

يجب علينا إدراك أن المشاعر ليست عدوًا لعقلنا الواعي؛ بل على العكس، هي جزء أساسي من كياننا وتعمل جنبًا إلى جنب مع التفكير المنطقي. التوازن بين العقل والمشاعر هو المفتاح لاتخاذ قرارات ناضجة ومتزنة. بدلاً من الاعتماد بشكل كامل على العاطفة أو العقل، يمكننا تدريب أنفسنا على التفكير قبل اتخاذ القرار. فالتأمل في الخيارات المتاحة وفهم ما نشعر به يمكن أن يساعد في اتخاذ قرار يعكس الحكمة العاطفية والعقلانية.

في بيئة العمل، قد نواجه مشاعر سلبية مثل التوتر والغضب والإحباط. يمكن أن تؤثر هذه المشاعر على أدائنا واتخاذ قراراتنا. من المهم أن نتعلم كيفية التعامل معها بشكل صحي. على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالإحباط نتيجة تصرف زميل عمل، بدلاً من اتخاذ قرار متسرع بالرد بغضب أو تجنب المشكلة، يمكنك أن تأخذ خطوة إلى الوراء وتفكر في السبب الحقيقي وراء مشاعرك. قد يكون من المفيد التحدث مع هذا الزميل بطريقة هادئة لفهم وجهة نظره، أو التركيز على الحلول الممكنة بدلاً من التركيز على المشاعر السلبية.

كذلك، العلاقات الاجتماعية هي أحد أكثر المجالات التي تتأثر فيها قراراتنا بالمشاعر. في حالة الشعور بالغضب أو الحزن بسبب موقف مع شخص مقرب، يمكن أن تؤدي المشاعر السلبية إلى اتخاذ قرارات متهورة قد تضر بالعلاقة. بدلاً من السماح لهذه المشاعر بالتحكم في تصرفاتك، من الأفضل أن تأخذ وقتًا للتفكير في طبيعة المشكلة.

قد يكون الحوار الصريح مع الشخص المعني وسيلة لحل المشكلة بشكل بنّاء. حاول أن تعبّر عن مشاعرك بوضوح، وتجنب اللوم أو النقد المباشر. المشاعر السلبية مثل الحزن أو الخوف قد تكون إشارة إلى أن هناك حاجة للتغيير أو التفاهم المتبادل، ولكن التعامل مع هذه المشاعر بشكل ناضج وعقلاني هو ما يحافظ على توازن العلاقات.

أخيرًا، تلعب المشاعر دورًا مركزيًا في عملية اتخاذ القرارات، فهي تقدم إشارات قيمة عن خياراتنا المختلفة وتحفزنا على اتخاذ القرارات التي تتناسب مع رغباتنا واحتياجاتنا. ومع ذلك، من الضروري تحقيق التوازن بين العقل والعاطفة لضمان اتخاذ قرارات سليمة ومستدامة. القدرة على فهم مشاعرنا وإدارتها بشكل صحيح هي ما يميز القرارات الحكيمة عن تلك التي تقود إلى الندم. فكيف تتعامل مع مشاعرك عند اتخاذ قرارات مهمة في حياتك؟ وهل تجد توازنًا بين العقل والعاطفة؟

قد يعجبك ايضا
تعليقات