بقلم – أحمد خميس أبومازن
في أواخر الثمانينيات، وقع في يدي مقالا قديما للدكتور مصطفى محمود، كنت حينها طفلاً صغيرًا ووجدت هذا المقال في مكتبة المدرسة داخل جريدة قديمة، وأعتقد أنها كانت جريدة “الأهرام”، ويعود لعام 1966م. كان المقال يتحدث عن المستقبل وتكنولوجيا الاتصالات، وقد أثار دهشتي وذهولي آنذاك.
في المقال، قال الدكتور مصطفى محمود شيئًا يبدو لنا اليوم بديهيًا، لكنه في تلك الفترة بدا للبعض خيالًا بعيد المنال، وربما اعتقدت حينها أنه يتلاعب بالكلمات أو يحاول جذب الانتباه. تحدث عن أن التليفون سيصبح بحلول عام 2000 أسهل وسيلة اتصال، بل سيكون في حجم علبة السجائر، وسيرافق صاحبه أينما ذهب، سواء كان رجلاً، امرأة، أو حتى طفلاً.
ذكر الدكتور محمود أن كل فرد في الأسرة سيحصل على هاتفه الخاص برقم فريد، مما يعني أن فكرة الانتظار حتى ينتهي أحدهم من استخدام الهاتف ستصبح من الماضي. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل تنبأ بأن يصبح مألوفًا أن يجلس عدة أشخاص في نفس الغرفة، وكل منهم يتحدث عبر هاتفه الخاص مع شخص آخر في أي مكان بالعالم. وأضاف أن هذا الهاتف سيكون متنقلاً، بحيث يمكن استخدامه في السيارة أو الشارع أو في أي مكان آخر.
ما تحدث عنه الدكتور مصطفى محمود في ذلك المقال بدا كأنه شيء من الخيال العلمي في ذلك الزمن، لكنه اليوم واقع نعيشه في كل لحظة. لقد سبق عصره برؤية ثاقبة وعبقرية لا تقل عن تلك التي نراها في أعظم العقول العلمية.
مثل هذه الرؤى، التي طرحها الدكتور مصطفى محمود، تُظهر كم كان سابقًا لزمنه بقدرته على استشراف المستقبل وتخيل ما كان يبدو مستحيلاً في زمانه.