القاهرية
العالم بين يديك

التفكير الإيجابي

122

 

بقلم: بسمة خالد

أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري

هل ترى الكوب نصف ممتلئ أم نصف فارغ؟ هذه النظرة البسيطة قد تكشف الكثير عن شخصيتك وطريقة تفكيرك، ومدى قدرتك على مواجهة صعوبات الحياة. التفكير الإيجابي هو نمط عقلي تتوقع من خلاله نتائج جيدة ومُرضية، مع تجنب الإحباط عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها. إنه يعني المثابرة وعدم الاستسلام، مما يجعله أداة فعالة في التعامل مع ضغوط الحياة اليومية.

التفكير الإيجابي لا يعني تجاهل الواقع أو الهروب من المشكلات، بل يتعلق بكيفية التعامل معها. إنه طريقة للتفاعل مع الحياة بمرونة وإيجابية، حتى في أوقات الأزمات. على سبيل المثال، توماس إديسون، عندما فشل في محاولاته العديدة لاختراع المصباح الكهربائي، لم ينظر إلى هذه المحاولات كفشل، بل كخطوات ضرورية للنجاح. قال إديسون: “لم أفشل، لقد وجدت 10,000 طريقة لا تعمل.” هذه العقلية الإيجابية ساعدته في تحقيق اختراعات غيرت العالم.

إلى جانب تأثيره الكبير على النجاح الشخصي والمهني، فإن التفكير الإيجابي له أيضًا فوائد ملموسة على الصحة النفسية والجسدية. أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يتبنون التفكير الإيجابي يتمتعون بمناعة أقوى، وضغط دم أقل، ومعدلات أقل من الاكتئاب والقلق. هذا النمط من التفكير يعزز القدرة على التعامل مع التوتر، مما يقلل من تأثيراته السلبية على الجسم.

التفكير الإيجابي يتطلب وعيًا وتدريبًا لتحويل الأفكار السلبية التي تتسلل إلى أذهاننا إلى أفكار إيجابية. الحديث الداخلي أو الحوار المستمر الذي يدور في عقولنا يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل نظرتنا للحياة. إذا كانت هذه الأفكار سلبية، فإنها قد تؤدي إلى التشاؤم والقلق، بينما يؤدي التفكير الإيجابي إلى التفاؤل والإبداع في حل المشكلات. إحدى الطرق الفعالة لتدريب العقل على التفكير الإيجابي هي ممارسة تدوين الامتنان اليومي. في نهاية كل يوم، خصص وقتًا لتدوين ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لها. قد تكون هذه الأشياء بسيطة مثل كوب قهوة استمتعت به أو لحظة ضحك مع صديق. هذا التمرين يساعدك على التركيز على الأمور الإيجابية في حياتك.

من الضروري أن تكون لطيفًا مع نفسك. تجنب انتقاد نفسك بشكل قاسٍ عندما تواجه صعوبة أو تفشل في تحقيق هدف ما. بدلاً من قول “أنا فاشل”، حاول أن تتحدث مع نفسك كما لو كنت تتحدث مع صديق يعاني من مشكلة مشابهة. قل لنفسك: “قد أخطأت، لكنني أتعلم وأتحسن مع الوقت.” هذا النوع من الحديث الداخلي الإيجابي يعزز من قدرتك على الاستمرار والمحاولة مرة أخرى.

يمكنك أيضًا الاستفادة من التخيل الإيجابي والتأمل. خصص بضع دقائق كل يوم لممارسة التأمل والتخيل معًا. ابدأ بالجلوس في مكان هادئ ومريح، ثم أغلق عينيك وركز على تنفسك لتهدئة عقلك. بعد أن تشعر بالاسترخاء، ابدأ في تخيل نفسك تحقق النجاح في مجال معين من حياتك، سواء كان ذلك في العمل أو في علاقاتك الاجتماعية. تخيل التفاصيل بوضوح؛ كيف تشعر وأنت تحقق أهدافك؟ كيف يبدو المكان من حولك؟ ومن هم الأشخاص الذين يشاركونك النجاح؟ هذا التمرين يقربك من تحقيق تلك الأهداف على أرض الواقع.

كذلك، تجنب المقارنات مع الآخرين. المقارنات يمكن أن تكون مصدرًا رئيسيًا للتفكير السلبي. ركز على تحسين نفسك وتطوير قدراتك دون النظر إلى ما يحققه الآخرون. هذه الخطوة ستساعدك على بناء ثقتك بنفسك وتعزز من تفكيرك الإيجابي.

أخيرًا، تبني هذا النمط من التفكير يتيح لك تحويل الصعوبات إلى فرص، وستتمكن من مواجهة الحياة بثقة وإصرار. التفاؤل هو خطوة أولى على طريق النجاح، فما الذي تنتظره؟ ابدأ الآن بتحويل أفكارك، ولاحظ كيف تتغير حياتك نحو الأفضل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات