د. إيمان بشير ابوكبدة
تناول الطعام بعد ساعات العمل يعني تناول الطعام في أوقات غير عادية أو خارج جدول الوجبات المعتاد. قد يشمل ذلك تخطي وجبات الطعام، أو تناول الطعام في أوقات غير منتظمة، أو تناول كميات كبيرة من الطعام في وقت متأخر من الليل. وهذه ممارسة شائعة بشكل متزايد في المجتمع الحديث لأن جداول العمل والضغوط والمسؤوليات غالبا ما تتداخل مع أوقات الوجبات التقليدية. ومع ذلك، يمكن أن يكون لهذا الاتجاه آثار صحية خطيرة، حيث يؤثر على كل شيء بدءا من عملية التمثيل الغذائي وحتى النوم والصحة العامة.
عندما لا تتبع جدولا منتظما لتناول الطعام، سيعاني جسمك من اختلالات في مستويات الجلوكوز في الدم، مما قد يؤدي إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام غير الصحي والإفراط في تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الطعام بعد ساعات العمل يؤثر على عملية التمثيل الغذائي والهضم، مما قد يساهم في زيادة الوزن ومشاكل في الجهاز الهضمي مثل حرقة المعدة وعسر الهضم. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر سلبا على جودة النوم والأداء المعرفي.
تغيير التمثيل الغذائي
جسم الإنسان يتبع إيقاع الساعة البيولوجية، أي دورة مدتها 24 ساعة تقريبا تنظم العمليات البيولوجية المختلفة، بما في ذلك النوم والتمثيل الغذائي. تناول الطعام في ساعات غريبة يعطل هذا الإيقاع الطبيعي، مما قد يؤدي إلى اختلال التوازن في مستويات السكر في الدم والأنسولين. يمكن أن يؤثر ذلك على قدرة الجسم على حرق السعرات الحرارية بكفاءة ويزيد من خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين ومرض السكري من النوع الثاني على المدى الطويل.
زيادة الوزن
تناول الطعام في ساعات غريبة يساهم في زيادة الوزن وتطور السمنة. عندما تأكل خارج أوقات الوجبات العادية، فمن المرجح أن تختار الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون والسكر، بدلا من الخيارات الصحية والأكثر توازنا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتباطأ التمثيل الغذائي في الليل ، مما يزيد من احتمال تخزين السعرات الحرارية المستهلكة في الليل على شكل دهون بدلا من استخدامها للطاقة.
مشاكل في الجهاز الهضمي
تناول الطعام بعد ساعات العمل يؤثر أيضا على عملية الهضم ويسبب مشاكل في الجهاز الهضمي مثل حرقة المعدة وعسر الهضم ومتلازمة القولون العصبي. وذلك لأن الجسم غير مستعد لهضم الطعام بكفاءة خارج جدوله الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول كميات كبيرة من الطعام في وقت متأخر من الليل يمكن أن يزيد من خطر الارتجاع الحمضي ويؤدي إلى تفاقم أعراض مرض الارتجاع المعدي المريئي.
تتأثر جودة النوم
تناول الطعام في وقت متأخر من الليل يؤثر سلبا على نوعية النوم ويؤدي إلى اضطرابات النوم مثل الأرق. وذلك لأن الجسم يحتاج إلى وقت لهضم الطعام قبل النوم، وتناول الطعام قبل النوم مباشرة يتعارض مع هذه العملية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأطعمة الغنية بالدهون والسكر أن تحفز الجهاز العصبي، مما يجعل النوم أكثر صعوبة.
خطر الإصابة بالأمراض المزمنة
تناول الطعام بانتظام في وقت متأخر من الليل يزيد من خطر الإصابة بمجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب والسكري من النوع الثاني ومتلازمة التمثيل الغذائي. ترتبط هذه الحالات ارتباطا وثيقا بنمط الحياة والنظام الغذائي، ويكون تناول الطعام في ساعات غريبة عامل خطر كبير.
كيفية التخفيف من الآثار السلبية؟
تخطيط الوجبات: اقض وقتا في التخطيط لوجباتك مسبقا. تحديد أوقات ثابتة لتناول وجبات الإفطار والغداء والعشاء، ومحاولة الالتزام بها قدر الإمكان؛ من الجيد أيضا قصر الوجبات الخفيفة على أوقات محددة بين الوجبات. سيساعدك هذا على إنشاء روتين وتجنب إغراء تناول الطعام في أوقات غير محددة.
تناول الطعام في أوقات منتظمة: حاول تناول وجباتك الرئيسية في نفس الوقت كل يوم. وهذا يساعد على تنظيم عملية التمثيل الغذائي والحفاظ على مستويات مستقرة من الجلوكوز في الدم. إذا أمكن، حاول تجنب الإفراط في تناول الطعام ليلاً والحد من تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات.
استمع إلى إشارات الجوع: تعلم كيفية التعرف على إشارات الجوع والشبع في جسمك ولا تنتظر حتى تشعر بالجوع حقا لتناول الطعام، ولكن لا تأكل إذا لم تكن جائعا أيضا. إن تعلم الاستماع إلى جسدك سيساعدك على تناول الطعام عندما تحتاج إليه حقا وتجنب تناول الطعام بسبب الملل أو التوتر.
اختيار الأطعمة الصحية: اختار الأطعمة المغذية والمتوازنة بدلا من الخيارات غير الصحية مثل الأطعمة المصنعة التي تحتوى على نسبة عالية من السعرات الحرارية والدهون المشبعة والسكريات. أعط الأولوية للأطعمة الغنية بالألياف والبروتينات الخالية من الدهون والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة التي توفر العناصر الغذائية الأساسية وتساعدك على الشعور بالشبع لفترة أطول. بالإضافة إلى ذلك، قلل من استهلاكك للأطعمة والمشروبات الغنية بالكافيين، خاصة في الليل، لأنها يمكن أن تتعارض مع النوم وتؤدي إلى تفاقم مشاكل الجهاز الهضمي.
تجنب الأكل المندفع: إذا كنت تشعر بالحاجة إلى تناول الطعام خارج جدول الأكل المعتاد، فتوقف للحظة وفكر في دوافعك، هل أنت جائع حقا أم أنك تأكل بسبب الملل أو التوتر أو الإثارة؟ إن تحديد الأسباب الكامنة وراء عاداتك الغذائية سيساعدك على اتخاذ قرارات أكثر واعية.
اطلب الدعم: شارك أهدافك في تغيير عاداتك الغذائية مع الأصدقاء أو العائلة أو أخصائي الصحة. يمكن أن يكون الدعم من الأشخاص الآخرين محفزا وسيساعدك على تحمل المسؤولية عن أفعالك.
كن مرنا: لا تلوم نفسك إذا كنت تتناول الطعام أحيانا خارج جدولك المعتاد. إن التحلي بالمرونة والتفاهم مع نفسك أمر مهم للحفاظ على علاقة صحية مع الطعام. بدلا من التركيز على الأخطاء، ركز على العودة إلى جدول تناول الطعام المعتاد والمضي قدما.