محمد زغله
على مدار السنين، خدعتنا الأكاذيب حول شخصية “سي السيد” الذي لم تكن صورته في الأعمال الأدبية والفنية تمثل الحقيقة. فالرجل الحقيقي الذي ألهم الكاتب الكبير نجيب محفوظ اسمه عبد الجواد محمد سعيد، ولد عام 1905 في حي درب الأتراك، بالقرب من الجامع الأزهر في القاهرة. عمل بالعطارة منذ صغره وأصبح من كبار تجار العطارة في حي الحسين، حيث كان يدير محلاً يُعرف باسم “البركة”، وهو لا يزال قائماً إلى يومنا هذا.
على عكس ما قدمته الروايات والأفلام، كان “سي السيد” الأصلي رجلاً ورعاً صالحاً، يعقد حلقات الذكر في محل عطاره بحضور كبار العلماء والمقرئين. لم يكن الرجل القاسي أو المتحكم كما صُوّر، بل عاش حياته وفق تنظيم دقيق، وكان يعامل أسرته بحزم، دون أن يمنعهم من أي نوع من الحياة الطبيعية.
وقد أعرب ابنه الحاج محمد عن استيائه من الصورة التي قدمها نجيب محفوظ في ثلاثيته الشهيرة، حيث وصف “سي السيد” بالمجون وجلسائه من العوالم، وهي صفات بعيدة تماماً عن شخصية والده. وفي آخر زيارة للكاتب محفوظ إلى محل العطارة، عاتب الحاج محمد الكاتب الكبير على هذا الوصف، فما كان من محفوظ إلا أن يرد قائلاً بابتسامة: “الأكلة ما تحلاش من غير بهارات!”
رغم الاختلافات بين الشخصية الحقيقية وما قُدم في الأدب والسينما، يبقى “سي السيد” الأصلي رمزاً لرجل مصري عاش بروح الأصالة والدين، بعيداً عن التصورات التي قدمتها الرواية والفيلم.