بقلم: وليد درويش
يراقب العالم عن كثب أحداثًا متلاحقة ومتزامنة في أكثر من بؤرة صراع، شمالًا في روسيا وأوكرانيا، وفي الشرق الأوسط والصراع مع الاحتلال، وفي أفريقيا بؤر صراع جديدة على وشك الانفجار.
ماذا يحدث ولماذا الآن تحديدًا بعد التوسع في مجموعة بريكس؟ هل وجود روسيا وإيران والصين وأثيوبيا ومصر والإمارات ضمن خطط الصراع صدفة؟ أم هي محاولة لضرب هذه المجموعة من الداخل بشكل مخطط من جهة تريد إفشال هذا التحالف وضربه وخلط الأوراق؟
من خلال التعمق، نجد أن الغرب يدعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا، وعناصر أوكرانية من النخبة تحارب في السودان ضد قوات فاجنر الروسية لمنعها من الاستفادة من الموارد التي قد تساهم في تمويل الحرب الروسية الأوكرانية وإضعاف روسيا.
كذلك، بدأت إسرائيل مخطط تهريب أسلحة لحركة المقاومة في فلسطين المحتلة لتوفير المبرر لإشعال المنطقة وضرب الاستقرار، وعمل سلسلة من الاغتيالات لبعض العناصر المنتمية لإيران والمقاومة، مما يستوجب الرد، وبالتالي استنزاف دول المنطقة اقتصاديًا وعسكريًا، مثل إيران ومصر والسعودية والإمارات، وكلها دول داخل البريكس، مع أن السعودية لم توقّع بعد لكنها في الطريق.
كما تدعم إسرائيل أثيوبيا في عدة ملفات، منها سد النهضة الذي يضر بالسودان ومصر، وكذلك حلمها بإطلالة بحرية للتحكم في شريان حيوي للتجارة العالمية على باب المندب، مما يؤثر سلبًا على حيوية قناة السويس الاستراتيجية، وبالتالي على نفوذ مصر العالمي.
كما تعيث إسرائيل فسادًا في القرن الأفريقي وبعض الدول الأفريقية، لتحييد دور مصر وروسيا والصين لصالح الغرب، وخاصة أمريكا، عن طريق الاستثمار في الطاقة الكهرومائية وتصديرها إلى أوروبا كطاقة نظيفة ورخيصة الثمن. والهدف من كل تلك المناكفات هو الضغط على مصر لقبول ملفات أبدت الإدارة المصرية رفضها لها مرات عدة، وكذلك تسليح أثيوبيا والمغرب لإذكاء الخلافات التي قد تشتعل في أي لحظة.
كل هذه الأوضاع تأتي في ظل إدارة أمريكية عرجاء في هذه الفترة تحديدًا، في انتظار ما تسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، ومن ثم تحديد أسلوب وشكل إدارة الصراعات حول العالم، خاصة مع الصين، القطب العالمي الجديد اقتصاديًا وعسكريًا، وخاصة الملف التايواني.
أما الهند، فهي تبدو بعيدة بعض الشيء، لكن هناك أيضًا ملف يؤرقها، وهو الحدود مع باكستان، والتقارب الإيراني الباكستاني، والخلاف المائي بين الهند والصين، العدو التاريخي. لذلك نجد أن العامل المشترك في جميع الأحداث هو أمريكا والغرب وأدواتهما في تلك المناطق. وإن بدت على السطح اختلافات في وجهات النظر لتلك الملفات، إلا أن الهدف المشترك والاستراتيجي واحد، وهو الاستحواذ والمكاسب والنفوذ، وإضعاف كل الكيانات والدول التي تحلم بفرصة المزاحمة على القيادة العالمية الاقتصادية والعسكرية حتى تكون خالصة للولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
وتبذل الإدارة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي جهودًا حثيثة لرأب الصدع العربي لمواجهة التحديات الجسام شرقًا وغربًا وجنوبًا، لتفويت الفرصة على من يريد سحق المنطقة وإدخالها في نفق مظلم لا يعلم مداه غير الله. ولعل القادم خير. تحيا مصر حرة أبية شامخة هاماتها بين الأمم.