القاهرية
العالم بين يديك

رحمة في زمن القسوة: حكاية أمل في عيادة طبيب الأطفال

32

بقلم / أحمد محي الدين

حدث في ليلة الثاني من شهر سبتمبر موقف إنساني نادر الحدوث في أيامنا هذه، أيقظ في قلبي مشاعر الأمل والخير المتبقي في أمة محمد. كنت في واحدة من أشهر عيادات طب الأطفال، عيادة الدكتور محمد اللبان في منطقة المطري بدمياط القديمة، وهو طبيب يمثل شرف مهنة الطب ويعد نموذجًا نادرًا لما ينبغي أن يكون عليه الطبيب في زمننا الحالي.

بينما كنت أنتظر دوري للدخول إلى الطبيب وسط بعض المرضى، دخل علينا رجل تبدو عليه علامات الذعر والقلق، ومعه زوجته تحمل طفلاً في عامه الأول، وبرفقتهم طفل آخر يبدو في السابعة من عمره. توجه الرجل سريعًا إلى المساعدة قائلاً في حالة من الهلع: “الدكتور فين؟ ساعدوني، الولد تعبان أوي!” كان الموقف شديد التوتر، وظهر على الرجل أنه لا يعرف ماذا يفعل، مما زاد من حالة الفوضى والارتباك.

تعاملت المساعدة مع الرجل بقدر كبير من الهدوء، وبناءً على توصية سابقة من الطبيب، تم إدخال الحالة على الفور. كان الدكتور محمد اللبان مثالًا للرحمة والإنسانية، حيث تعامل مع الطفل بروح الأبوة الحانية، وطمأن الأم التي لم تتمالك نفسها وبدأت في البكاء. قام الطبيب بقياس درجة حرارة الطفل واتخذ جميع الإسعافات الأولية اللازمة، وأعطى الوالدين روشتة موصى بها إلى الصيدلية، واهتم بتخفيض حرارة الطفل التي كانت سببًا في إصابته بالتشنجات والهذيان. لم تخرج الأسرة من العيادة إلا بعد أن تأكد الطبيب من اتخاذ كل التدابير اللازمة، ووجههم بضرورة الذهاب إلى المستشفى لمتابعة الحالة.

مشاهد كهذه تترك في النفس أثراً عميقًا، إذ أرى أسرة من محدودي الدخل تتلقى هذا القدر من العناية الإنسانية والدينية. لقد قام الدكتور محمد بدور عظيم، وكانت عيناي تغمرهما الدموع وأنا أدعو الله له بالخير.

حصلت على إذن من الدكتور لنشر هذا الموقف البطولي، لنُسلط الضوء على الخير والإنسانية في قلوب مجتمعنا وأبطالنا الحقيقيين الذين غالبًا ما يبقون خلف الكواليس.

نسأل الله أن يكون في عون الأطباء المخلصين، وأن يوفقهم في تحمل ما يواجهونه من صعاب أثناء التعامل مع المرضى وذويهم في أصعب الأوقات.

شكرًا للدكتور محمد اللبان، الذي أرهق القلب بتصرفاته النبيلة، وقدم نموذجًا يحتذى به في الإنسانية والإخلاص في التعامل مع مرضاه.

قد يعجبك ايضا
تعليقات