القاهرية
العالم بين يديك

فيروس أوروبوش.. تهديد غامض ومميت يثير قلق خبراء الصحة

30

رانيا فتحي
دفع انتشار مرض غير معروف ومميت ينتقل بواسطة لدغات الحشرات، مسؤولي الصحة إلى دق ناقوس الخطر.
واعتبارًا من الأول من أغسطس/ آب، أُبلغ عن أكثر من 8000 حالة إصابة بفيروس أوروبوش (Oropouche) هذا العام، تمركزت غالبيتها في أمريكا الجنوبية، غير أنّ العدوى تنتشر أيضًا في دول لم يسبق أن سُجلت فيها إصابات، حيث تمّ الإبلاغ عن عشرات الحالات المرتبطة بالسفر في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي هذا الصدد، أصدرت منظمة الصحة للبلدان الأمريكية، الذراع الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، تنبيهًا وبائيًا خاصًا بفيروس أوروبوش، ورفعت مستوى الخطر على الصحة العامة إلى “عالٍ” في منطقة الأمريكتين.
وأشارت الوكالة في بيان إلى أنه “رغم وصف المرض تاريخياً بأنه معتدل، فإنّ الانتشار الجغرافي للعدوى، واكتشاف الحالات الأكثر خطورة، يسلّطان الضوء على الحاجة إلى زيادة المراقبة وتوصيف المظاهر الأكثر خطورة المحتملة (جراء الإصابة به)”.
وأصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أيضًا تنبيهًا استشاريًا صحيًا لمقدمي الرعاية الصحية وسلطات الصحة العامة، لتوخي الحذر بشأن الحالات الجديدة، وأوصت النساء الحوامل بتجنب السفر إلى المناطق المتضررة.
وأفادت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها الثلاثاء، أنّ ما لا يقل عن 21 مسافرًا أمريكيًا عادوا من كوبا أُثبِتَت إصابتهم بفيروس Oropouche.

ماذا نعرف عن فيروس أوروبوش؟
اكتُشف هذا الفيروس في عام 1955. ومنذ ذلك الحين، تم تسجيل حوالي 500 ألف حالة. لكن المعرفة بالمرض محدودة، حتى أنّ مجلة لانسيت الطبية وصفته بأنه “تهديد غامض” في افتتاحية نُشرت حديثًا.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، تظهر الأعراض على حوالي 60% من الأشخاص المصابين. ويمكن أن تتشابه مع أعراض حمى الضنك أو زيكا، التي تشمل ارتفاعًا مفاجئًا للحرارة، والقشعريرة، والصداع، وآلام العضلات، وتصلب المفاصل.
قد تشمل الأعراض الأخرى ألم العين، وحساسية الضوء، والغثيان، والقيء، والإسهال، والتعب والطفح الجلدي.
وفي حالات نادرة، يمكن أن يصيب المرض الجهاز العصبي، ويسبب التهاب السحايا والتهاب الدماغ.
ينتمي فيروس أوروبوش إلى عائلة فيروسية مختلفة عن عائلة فيروس زيكا، لكنه يثير العديد من المخاوف والمعلومات المجهولة المماثلة.
وقالت جانيت هاميلتون، المديرة التنفيذية لمجلس علماء الأوبئة في الولايات والأقاليم: “هذا مثال قوي بالنسبة لنا للتفكير بما كانت عليه الحال عندما بدء انتشار زيكا هنا”.
وتابعت: “نحن لا نفهم بشكل كامل دورة حياته وانتقاله، ويبدو أنه يؤثر على النساء الحوامل. وهذا تحديدًا السبب وراء حاجتنا لمعرفة المزيد عنه.
كيف ينتشر؟
ينتقل الفيروس إلى الناس من لدغات الحشرات، لا سيما لدغات الميدج، ونوع من الذباب الصغير، وأنواع معينة من البعوض.
يستوطن في منطقة حوض الأمازون بأمريكا الجنوبية، لا سيّما في مناطق الغابات حيث يستمر انتقال العدوى في دورة بين الحشرات والكائنات المضيفة الأخرى مثل القوارض، والكسلان، والطيور. ويُطلق عليها أحيانًا اسم “حمى الكسل”.
يمكن أن يتعرض الأشخاص الذين يزورون هذه المناطق للدغ من حشرة مصابة، ويحملون المرض إلى المناطق الحضرية.
يشكّل تغيّر المناخ، وإزالة الغابات، فرصًا إضافية كي يتعرض الناس للحشرات المصابة، ما يزيد من خطر انتشارها، وفقًا لمنظمة الصحة للبلدان الأمريكية.
وتنتشر الفاشية الحالية بسرعة في الدول التي يتفشى فيها هذا الفيروس عادة، وفي أماكن جديدة. تم الإبلاغ عن حالات مكتسبة محليًا في بوليفيا، والبرازيل، وكولومبيا، وكوبا، وبيرو. لا يوجد دليل على انتقال المرض محليًا في الولايات المتحدة، لكن تم الإبلاغ عن حالات عدة اكتشفت لدى أشخاص سافروا إلى أماكن ينتشر فيها المرض.
ولفتت الدكتورة إيرين ستابلز، عالمة الأوبئة الطبية بقسم الأمراض المنقولة بالنواقل في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، إلى أنّه يُعتقد أن الخطر الحالي لانتقال العدوى محليًا في الولايات المتحدة القارية استدامته منخفضة.
وأضافت أن مستوى المخاطر غير مؤكد أكثر في أماكن مثل بورتوريكو، وجزر فيرجن الأمريكية، التي يمكن أن تكون لديها بيئة مماثلة لكوبا.
ما الخطوة التالية؟
قال الخبراء إن التحولات في جغرافية انتشار الفيروس تشير إلى احتمال وجود نواقل جديدة في الدورة.
وأوضحت ستابلز: “نحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات حتى نتمكن من تحديد المناطق التي قد تكون أكثر عرضة للخطر بشكل أفضل. ما زلنا نتعلم المزيد عن هذا الفيروس، وسنقدم التحديثات بمجرد حصولنا عليها”.
ويمثل هذا العام أيضًا المرة الأولى التي يتم فيها الإبلاغ عن حالات وفاة بسبب فيروس أوروبوش، ووجود أدلة على أن المرض يمكن أن ينتقل من المرأة الحامل إلى جنينها، ويسبب نتائج سلبية على الولادة.
وخلصت ستابلز إلى أنه “فيما نرى المزيد من الأشخاص يُصابون بالعدوى، يمكننا أن نرى حالات نادرة وغير مألوفة من الأعراض السريرية أو الوفاة. وهذه العناصر تقع في صلب ما تعمل عليه المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها حاليًا مع شركائنا لمعرفة المزيد عنها”.
كيف يمكن للناس حماية أنفسهم؟
لا يوجد لقاح مضاد لفيروس أوروبوش، ولا توجد علاجات محددة مضادة للفيروسات متاحة. يمكن تأكيد الحالات من خلال الاختبارات المختبرية، لكنها غير متوفرة في مختبرات التشخيص التجارية، وغالبًا ما يتعين استبعاد الفيروسات الأكثر شيوعًا مثل حمى الضنك أولاً.
ونصحت هاملتون بأنه حان الوقت للتفكير في الوقاية من لدغات البعوض على النحو التالي:
تجنُّب الخروج عند الفجر والغسق، عندما يكون البعوض أكثر جهوزية للدغ،
ارتداء ملابس مناسبة لحماية بشرتك من لدغات البعوض والحشرات الأخرى،
استخدام طارد البعوض الفعال في الوقاية من العدوى.

قد يعجبك ايضا
تعليقات