بقلم / وليد درويش
يتابع العالم عن كثب الانتخابات الأمريكية المقبلة بين حزبين هما عماد الأمة الأمريكية السياسية، ولكل منهما طريقة في إدارة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الهدف والطريق يظل واحدًا. فاختلاف الأولويات هو سمة الاختلاف المعلن، إنما أهداف الدولة العميقة واحدة، وهي خدمة الرأسمالية والصهيونية العالمية بامتياز. لكل منهما منهج؛ فمنهم السياسي المتخفي ومنهم التصادمي الظاهر للعلن. ومن بين هذا وذاك، تقوم الدولة العميقة بدعم من هو أنسب للمرحلة، وفي العلن نتصور أنها حرب دروس بإخراج هوليوودي رائع تشاهده كل دول العالم. لكن من يحكم الولايات المتحدة الأمريكية من خلف الستار هي الدولة العميقة ومؤسساتها التي لا تعرف ولا تعترف إلا بمن ينفذ ما يُملى عليها من الرأسمالية والصهيونية في نقاط محددة ومتفق عليها سلفًا، وبذلك تضمن مصالحها عبر من هو واجهة للإدارة الأمريكية.
فما نراه من نزالات بين دونالد ترامب وكامالا هاريس ما هو إلا مشهد قد تم إخراجه بدءًا من محاولة اغتيال دونالد ترامب، ثم انسحاب بايدن، ثم ترشح كامالا هاريس، مرورًا بانسحاب كينيدي كمرشح مستقل ثم الانضمام لحملة ترامب.
ومن المشهد الحالي، نرى الآتي:
في حال فوز كامالا هاريس، ستدفع باتجاه التصعيد مع روسيا بدعم أوكرانيا وتقوية حصون الناتو بالأسلحة لتقليم أظافر بوتين ومحاصرته واستنزافه بدون مواجهة مباشرة، إلا بالتعدي على البر الرئيسي الأمريكي بشكل مباشر، والاستفادة الاقتصادية بمزيد من توريد الطاقة والسلاح لأوروبا. وكذلك في الشرق الأوسط، هي تدعم الحرب بالوكالة وتدعم إسرائيل في التوسع والتسيد في المنطقة لبسط السيطرة الكاملة على المنافذ البحرية والطاقة، وكذلك محاصرة روسيا والصين في طموحهما للتمدد بمنطقة الشرق الأوسط وكذلك أفريقيا المكتظة بالثروات المعدنية النادرة والحساسة لضمان التفوق النوعي العالمي. وكذلك فتح متنفس لإيران لاجتذابها من دعم روسيا بالأسلحة والطاقة للصين.
ويبقى العدو الأوحد لأمريكا هو الصين، اقتصاديًا وعسكريًا. وبهذا المنظور، تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في النيل من الصين وتنفرد بالزعامة العالمية.
أما في حال فوز دونالد ترامب، فسيسعى لإنهاء الحرب الأوكرانية واستقطاب بوتين وتحييده بإعطائه بعض المكاسب في أوكرانيا نظير عدم التمادي في دعم الصين وكوريا الشمالية تكنولوجيًا. كذلك سيدعم أوروبا في التزود بالطاقة والأسلحة التي تم استنزافها في الحرب الروسية (مكسب اقتصادي).
وعن الشرق الأوسط، فإنه يريد التخلص من إيران وتهديدها لدول الخليج وإسرائيل وإنهاء المقاومة الفلسطينية وأذرع إيران لصالح إسرائيل، بما فيها القدس والتهجير. وتسليح دول الخليج العربي (مكسب اقتصادي) وضمان عدم دخول لاعب جديد بالمنطقة كالصين وروسيا ومحاصرتهم في أفريقيا كذلك، والتفرغ التام لحربه مع الصين العدو الأوحد للرأسمالية الأمريكية.
وبذلك يتضح لنا أن الهدف واحد للدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وإن اختلف من يقوم بالتنفيذ، فهم حقًا وجهان لعملة واحدة.
دامت مصر حرة أبية شامخة هاماتها بين الأمم.