د/ زمزم حسن
تُعرف مقابر الخيزران حالياً بمقبرة الأعظمية في بغداد، وهي تحيط بمسجد الإمام أبو حنيفة النعمان الذي دُفن فيها عام 150 هـ/767م. هذه المقبرة قديمة العهد وهي أصل مدينة الأعظمية، وضمت كثيراً من رفات فقهاء المسلمين ومراجع العلم والدين. كان بريد الأعظمية القديم يشمل سوق الأعظمية القديم ويمتد إلى مسجد بشر الحنفي المعروف حالياً باسم مسجد بشر الحافي، وتضم مسجد حسن بك، ومسجد التكية الذي يحتوي على ضريح الشيخ أبي الحسين النوري في سوق الأعظمية. وكان موقع مشهد أبو حنيفة النعمان ضمن المقابر، والناس يسيرون بين المقبرة ليصلوا إلى المسجد كما هو الحال الآن في مسجد الشيخ معروف الكرخي. ولكن حوادث الغرق والطوفان والفتن وتخريبات الفرس في عهد الدولة الصفوية جعلت الناس يقتطعون أجزاء من المقبرة ويبنونها ويسكنون فيها بجوار المسجد، حتى أصبحت مقبرة الخيزران مقبرة صغيرة تحيط بها الدور والمساكن. وكان الناس قديماً لا يبنون قبور موتاهم بالطابوق والجص لأنهم لا يرغبون أن يضعوا على موتاهم طابوقاً مفخوراً بالنار، وإنما كانوا يبنون باللبن، وهو طابوق مصنوع من الطين المجفف بالشمس لا يدوم طويلاً، لذلك كانت المقبرة فارغة من مشاهد القبور وليس فيها سوى قبور متناثرة بعيدة وهي للولاة والحكام الأتراك وعليها رقيم من الرخام يتضمن أشعاراً وتأريخاً بخط بهيج بديع.
ونجد في كتاب “أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران” للمؤلف وليد الأعظمي مرحلة منسية من تاريخ العراق، وانقطاعاً في التراجم لمدة قرنين ونصف (من منتصف القرن الثامن الهجري إلى نهاية القرن العاشر الهجري)، وهي الفترة المظلمة أيام الحكم المغولي وحكم التركمان ثم الصفويين لبغداد.