د. إيمان بشير ابوكبدة
حدد باحثون بجامعة ماكماستر في كندا أن استجابة المناعة الذاتية للغلوتين تبدأ في خلايا معينة من الجهاز المناعي تسمى الخلايا الجذعية. ولكن ماذا يعني هذا بالنسبة لمن يعانون من هذه الحالة؟
تبدأ في الخلايا الجذعية
يتميز مرض الاضطرابات الهضمية برد فعل المناعة الذاتية للجسم تجاه الغلوتين.
الخلايا الجذعية تشبه حراس الجهاز المناعي. يقومون بدوريات في الجسم بحثا عن الغزاة – مثل الفيروسات والبكتيريا – ويطلقون الإنذار عند اكتشاف شيء غريب. في حالة عدم تحمل الغلوتين، يمكن لهذه الخلايا التعرف على البروتين باعتباره تهديدا، مما يتسبب في المبالغة في رد فعل الجسم والتسبب في أعراض مزعجة لدى الكثيرين.
ووفقا للعلماء، فإن الخلايا الجذعية هي من بين أولى الخلايا التي تتلامس مع الغلوتين في الأمعاء. وعندما يتعرفون على هذا البروتين باعتباره تهديدًا، يقومون بتنشيط خلايا الجهاز المناعي الأخرى للهجوم. هذه الاستجابة لا يمكن السيطرة عليها لدى الأشخاص المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية، مما يؤدي إلى تلف الأمعاء الدقيقة.
للتحقيق في هذه العملية، استخدم الباحثون الفئران المعدلة وراثيا التي لديها استجابة مناعية مماثلة لتلك التي تظهر لدى البشر المصابين بمرض الاضطرابات الهضمية. كان هذا النموذج الحيواني أساسيا في توضيح كيفية قيام الخلايا الجذعية بالاستجابة للغلوتين.
يفتح هذا الاكتشاف الجديد الباب لتطوير علاجات أكثر فعالية لعدم تحمل الغلوتين. ومع تحديد الخلايا الجذعية كنقطة انطلاق للاستجابة المناعية، يستطيع العلماء الآن التركيز على طرق تهدئة هذه الخلايا وربما منع الجسم من التفاعل مع البروتين. وهذا يعني أنه قد يكون لدينا في المستقبل علاجات جديدة تخفف الأعراض أو حتى تقضي عليها، مما يسمح للناس بالاستمتاع بوجبات خالية من الغلوتين مرة أخرى دون خوف.
الخطوات التالية
في الوقت الحالي، الطريقة الفعالة الوحيدة لعلاج مرض الاضطرابات الهضمية هي اتباع نظام غذائي صارم خالٍ من الغلوتين، وهو ما قد يكون أمرا صعبا، خاصة في المواقف الاجتماعية. تشير الأبحاث إلى أنه من خلال تطوير الأدوية التي تستهدف الخلايا الجذعية على وجه التحديد، يمكننا إحداث ثورة في علاج عدم تحمل الغلوتين وتحسين نوعية الحياة لملايين الناس.
لا يزال هناك الكثير مما يجب اكتشافه، لكن الباحثين متفائلون. وبفضل هذه المعلومات الجديدة، أصبحوا أقرب إلى الفهم الكامل لكيفية عمل عدم تحمل الغلوتين وكيفية مكافحته. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من هذه الحالة، هذه أخبار تجلب الأمل لأيام أفضل، حيث يمكن أن يصبح الخبز الدافئ وطبق المعكرونة متعة مرة أخرى – وليس مصدر قلق.
تتضمن الخطوات التالية للبحث تعميق فهم كيفية تعرف الخلايا الجذعية على الغلوتين وكيف يمكن تعديل هذه الاستجابة المناعية. إذا تمكن العلماء من تطوير علاج يمنع تنشيط هذه الخلايا، فقد يغير بشكل جذري – نحو الأفضل – حياة الآلاف من الأشخاص المصابين بعدم تحمل الغلوتين في جميع أنحاء العالم.