بقلم الكاتب : علي شعــــــــلان
احتدمت المبارزات العلمية بين الأكاديميين لواحدة من أكثر المعضلات تعقيداً في التاريخ البشري تفسيراً لماهية الضوء.
بالرجوع إلي عصر القرون الوسطى المضاء ببعض العلماء العرب الأفذاذ ،بل وإزدهار المنطقة العربية برمتها أبان الحكم الفاطمي والعباسي ،كان سيد العرافين وأول عالم ((ابن الهيثم 956-1039م )) يهتدي إلي طبيعة الضوء ووظائفه منتصراً علي شرازم الجهل حينها بأن الضوء يصدر من العين التشريحي البشري لتري هي الأشياء قائلاً :
” إنها (الضوء ) تصدر عن كل نقطة من نقاط الجسم ، فتصل إلي العين وتنقل إليها وإلي المخ صورة الشئ” .
وينتقل الصراع بين نسيج الزمان والمكان ، في عام 1666م تحديداً في إنجلترا علي يد (( إسحاق نيوتن )) وجد أن الضوء الأبيض مؤلف من جميع الألوان ، ووجد بإستخدام المنشور أن كل لون في الشعاع الأبيض ممكن أن يفصل باق أطيافه .. إلا أن (( السير)) من أنصار جسيمية الضوء .. أي أن الضوء يتكون من أجسام صغيرة جدا .
وعلي التواز ، قدم العالمان ((روبرت هووك)) و ((كرستين هيجنز )) نموذج أخر عن مفهوم الضوء ، فالأول توقف عند مبدأ إنتشار الضوء في الماء وكأنها موجات تغمر في المياه فأقترح أن إهتزازات الضوء عمودية على اتجاه الإنتشار ،بينما الثان قدم نموذج نظري رياضي أن الضوء ينبعث في كل الإتجاهات كسلسلة من الموجات في وسط يسمي ” الأثير” .
والذي قطع الشك هو العالم (( توماس يانج )) عندما صمم تجربته الشهيرة التداخل الضوئي تجربة ” الحائل الثنائي” والذي أقر بالنظرية الموجية للضوء كتداخل موجات الصوت..
وبإتاحة الضوء للمرور عبر ثقبين دقيقين على شاشة، وجد يونج أن أشعة الضوء تنتشر وتتداخل، وفي منطقة التداخل، تتناوب هدب الضوء الساطع مع هدب الظلام. وبإثبات تداخل الضوء هذا، أثبت يونج بشكل قاطع الطبيعة الموجية للضوء. واستخدم نظريته الموجية الجديدة للضوء لشرح ألوان الأغشية الرقيقة (مثل فقاعات الصابون)، وربط اللون بطول الموجة، فحسب الأطوال الموجية التقريبية للألوان السبعة التي اعترف بها نيوتن .
في عام 1900 نجح الفيزيائي الألماني ((ماكس بلانك)) في حساب طيف الجسم الأسود الذي يطابق النتائج التجريبية من خلال اقتراح أن المذبذبات الأولية على سطح أي جسم (لم يكن الهيكل التفصيلي للمذبذبات ذا صلة) يمكنها إصدار وامتصاص الإشعاع الكهرومغناطيسي فقط في حزم منفصلة، حيث تكون طاقة الحزمة متناسبة بشكل مباشر مع تردد الإشعاع، ) h ، ( ثابت التناسب E = hf.
الذي حدده بلانك من خلال مقارنة نتائجه النظرية بالبيانات التجريبية الموجودة، يسمى الآن ثابت بلانك وله قيمة تقريبية 6.626 × 10−34 جول∙ثانية .
لم يقدم بلانك أساسًا فيزيائيًا لاقتراحه؛ بل كان في الأساس عبارة عن بناء رياضي مطلوب لمطابقة طيف الجسم الأسود المحسوب مع الطيف المرصود. في عام 1905 قدم ((ألبرت أينشتاين)) تفسيرًا فيزيائيًا رائدًا لرياضيات بلانك عندما اقترح أن الإشعاع الكهرومغناطيسي نفسه حبيبي، ويتكون من كميات، كل منها بطاقة hf. وقد استند في استنتاجه إلى الحجج الديناميكية الحرارية المطبقة على مجال الإشعاع الذي يطيع قانون إشعاع بلانك. مصطلح الفوتون، الذي يُطبق الآن على كمية الطاقة للضوء، صاغه لاحقًا الكيميائي الأمريكي ((جيلبرت ن. لويس)) .
أيد أينشتاين فرضية الفوتون الخاصة به بتحليل التأثير الكهروضوئي، وهي العملية التي اكتشفها (( هرتز)) في عام 1887، حيث يتم إخراج الإلكترونات من سطح معدني مضاء بالضوء. أظهرت القياسات التفصيلية أن بداية التأثير يتم تحديدها فقط من خلال تردد الضوء وتكوين السطح ولا تعتمد على شدة الضوء. كان هذا السلوك محيرًا في سياق الموجات الكهرومغناطيسية الكلاسيكية، التي تتناسب طاقاتها مع شدتها ولا تعتمد على التردد. افترض أينشتاين أن الحد الأدنى من الطاقة مطلوب لتحرير إلكترون من سطح – فقط الفوتونات ذات الطاقات الأكبر من هذا الحد الأدنى يمكنها تحفيز انبعاث الإلكترونات. يتطلب هذا حدًا أدنى من تردد الضوء، بما يتفق مع التجربة .