القاهرية
العالم بين يديك

العلاقة التعويضية

343

بقلم: بسمة خالد
أخصائي علم النفس والإرشاد الأسري

بعد انتهاء علاقة عاطفية، سواء كانت طويلة أو قصيرة، يشعر العديد من الأشخاص بالحاجة إلى الدخول في علاقة جديدة بسرعة، وهو ما يُعرف بـ”العلاقة التعويضية”.

غالبًا ما تكون هذه العلاقة محاولة للهروب من مواجهة المشاعر السلبية، مثل الشعور بالفشل والوحدة التي تلي الانفصال، أو رغبة في إثبات أن الشخص ما زال مرغوبًا، أو الحاجة إلى إعادة بناء الثقة بالنفس التي تضررت نتيجة الانفصال. من ناحية أخرى، قد يكون الهدف هو ملء الفراغ الذي يتركه الشخص الذي انتهت العلاقة معه. بدلاً من التعامل مع هذه المشاعر بشكل مباشر، قد يبحث الشخص عن الراحة والطمأنينة مع شريك جديد، معتقدًا أن هذا سيعوضه عن الألم الذي يشعر به، لكنها غالبًا ما تكون علاقة هشة وغير مستقرة.

من أهم المشاكل في العلاقة التعويضية هو الاعتماد العاطفي المفرط على الشريك الجديد، حيث يعتمد الشخص بشكل كبير على الشريك لتلبية احتياجاته العاطفية. هذا الاعتماد يمكن أن يكون عبئًا على العلاقة الجديدة، حيث يصبح الشريك الجديد مصدرًا رئيسيًا للسعادة والتوازن العاطفي، مما يؤدي إلى ضغوطات وصعوبات نفسية على الطرفين.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي العلاقة التعويضية إلى تراكم مشاعر الإحباط أو التوتر، خصوصًا إذا لم يتمكن الشخص من مواجهة مشاعره الحقيقية والتعامل معها بشكل صحيح. قد يجد الشخص نفسه محاصرًا في دائرة من العلاقات السطحية التي لا تتيح له الفرصة للنمو العاطفي والنفسي.

يُعد الشفاء الذاتي جزءًا أساسيًا من تجاوز الانفصال العاطفي بنجاح. يتطلب ذلك الوقت والجهد، ويشمل التعامل مع المشاعر المؤلمة بدلاً من الهروب منها. كما أن الدعم من الأصدقاء أو العائلة، بالإضافة إلى التوجه إلى معالج نفسي، يُعد أمرًا هامًا في هذه المرحلة لمعالجة الصدمات العاطفية التي مر بها، وللتعرف على ما يمكن فعله لتجنب الوقوع في نفس الأخطاء في المستقبل.

أيضًا، يُعد التركيز على تطوير الهوايات الشخصية، وإعادة بناء الثقة بالنفس، واستكشاف اهتمامات جديدة، والعمل على تحقيق النمو والتطوير الشخصي من الخطوات المهمة بعد الانفصال. عندما يشعر الشخص بالثقة في نفسه وقدرته على الاستقلال العاطفي، يكون أكثر استعدادًا للدخول في علاقة جديدة من موقع قوة بدلاً من الدخول بدافع الحاجة.

أخيرًا، قد تبدو العلاقة التعويضية كمخرج سريع من ألم الفراق، لكنها غالبًا ما تكون طريقًا مختصرًا إلى مزيد من الجراح. بدلاً من التسرع نحو علاقة جديدة، امنح نفسك الوقت الكافي للتعافي والنمو والتطور الشخصي أولاً ، فالعلاقة الصحية تنتظر من يستعد لها بالشكل الصحيح.

قد يعجبك ايضا
تعليقات