سامح بسيوني
فصعد موسى على جبل الطور؛ ليستطلع الأمر، فسمع صوتًا يناديه وهو يلتفت شمالًا ويمينًا.. الصوت يأتي من أعلى، لحظات من الخوف والاضطراب تصيب موسى، من أين هذا الصوت؟
وفجأة يناديه الأعلى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى.. واخترتك لنفسي فاستمع لما يوحى، يالها من لحظات! امتزج فيها الرهبة والخوف والفرح والسرور والاطمئنان لملاقاة الله عز وجل.
يقول موسى سبحانك أيها الإله المعبود لك الحمد والشكر بأنك اصطفيتني وجعلتني كلميك! بدون حجاب أو واسطة.. سبحانك ما أرحمك وما أعدلك! فينظر إليه رب العزة نظرة إشفاق ويقول له: يا موسى ألم تذكر وأنت طفل رضيع؟ كانت عنايتي معك فنجوت من بطش فرعون، ورددتك إلى فؤاد أمك بعدما كان فارغًا، وأصبحت طفلًا مدللًا في قصر فرعون.
ما أجمله من حديث إنه حديث رب العالمين! فيناديه رب العزة: وما تلك بيمينك يا موسى، قال هى عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مٱرب أخري.
يا لها من فطنة نبي! يريد أن يطيل الحديث مع رب العزة عندما قال ولي فيها مٱرب أخري، فيقول رب العزة العزة لموسي ألقِ عصاك، فإذا هي حية تسعى.. فخاف موسى من شدة الموقف.
فقال له رب العزة: خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى، واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى، اذهب بٱياتي إلى فرعون لعله يتذكر أو يخشى.
قال رب لقد قتلت فيهم نفسًا من قبل فأخاف أن يقتلون، قال: لا يخاف لدي المرسلين، وعندئذ يقع في قلب موسى العطف والحنان والشوق إلى أخيه هارون فيطلب من رب العزة أن يكون هارون وزيرًا ورسولًا يشتد به عضده، فقال له رب العزة: لقد أوتيت سؤلك يا موسى.
وينزل موسى من على الجبل، ونور عجيب يتلألأ من وجهه وعرق يتصبب من وجهته وإشراق يتلألأ من نور عينه وكأنه قمر في ليلة حالكة الظلام، والزوجة الصالحة تتعجب من بريق وإشراق زوجها -موسى-، ما بك يا موسى ؟ لماذا يمتزج معكَ الخوف، الفرح، السرور، الاطمئنان والاضطراب، ما بك أيها الزوج الحبيب؟
فيخبرها بأن الله اصطفاه وكلمه دون غيره من العالمين، فتتلألأ البشرى على وجها؛ فرحًا واستبشارًا لهذا الخبر، وتقول والله إنه لحق لك ففيك المروءة والكرم والنجدة للضعفاء، فكان هذا استحقاقًا لك ومكافأة من رب العالمين.
ويسير موسى بأهله وعناية الله تحوطه من كل جانب ويزداد الحنين والشوق إلى وطنه كلما اقترب من حدوده وهو يعلم بأن مهمته ليست بالسهلة اليسيرة ولكن تحتاج إلى صبر وعزيمة الرجال.
الخبر ينتشر في المدينة بأن موسى رجع إلى بلدته والخبر يصل إلى قصر فرعون وآسيا يأخذها الشوق لرؤية ولدها فؤاد قلبها -موسى-، فهي التي حرمت من الإنجاب فكان بمثابة العوض لها وفي غمرة فرحها أحست بالخطر على عبير فؤادها وخافت عليه….
يتبع