القاهرية
العالم بين يديك

دروس وعبر من الهجرة

58

حسن محمود الشريف
تستقبل الأمة الإسلامية هذه الأيام عامًا هجريا جديدًا، ندعو الله عز وجل أن يجعل هذا العام خيرًا من سلفه، وأن يجعل خلفه خيرًا منه.

لقد كانت الهجرة من مكة إلى المدينة فاتحة خير بالنسبة للمسلمين والدعوة الإسلامية على السواء، كما كانت اختبارًا صعبًا للمهاجرين ، حيث فارقوا أرضهم وديارهم وأهليهم استجابة لأمر الله، وإعلاء لكلمته، وقد اجتازوا بنجاح كبير.
ولقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عام فى مكة ولم يؤمن بالنبى صلى الله عليه وسلم إلا القليل وعندما خرج مهاجراً إلى المدينة وقبل أن يدخلها يلتقى على اطراف المدينة برجل إسمه بريدة بن الحصيب رضي الله عنه وعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام فآمن وأمن معه ثمانون بيت من أصحابه وفرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك واستبشر ،
وإن المتدبر لمعاني الهجرة الشريفة يستنبط منها دروسًا عظيمة، ويستخلص منها فوائد كثيرة، ويلحظ فيها حكمًا باهرة يستفيد منها الأفراد والأمة عامة في شتى مجالات الحياة، ومن تلك الدروس والحكم:

حب الوطن والحنين إلى مكة:

هاجر الرسول الكريم من مكة إلى يثرب «المدينة المنورة» وعلّم الجميع درسا عظيما في حب الوطن فنظر إلى مكة المكرمة وهو مهاجر منها قائلا: «والله. إنك خير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله. ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» أخرجه الترمذي.

ففي مكة نشأ صلى الله عليه وسلم وترعرع, وفيها نزل عليه سيدنا جبريل- عليه السلام- بالوحي والمعجزة الخالدة القرآن الكريم.

وكان فراق مكة عزيزًا على الرسول – صلى الله عليه وسلم – والصحابة الكرام – رضي الله عنهم أجمعين -، فهذا واحد منهم اسمه أصيل رضى الله عنه جلس يتكلم عن مكة فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم -: (يا أصيل دع القلوب تقر فلا تذكرنا)

التفاؤل والأمل:

لقد حرَّم الإسلام اليأس وأوجد الأمل، وحرَّم التشاؤم، ويأتي درس الأمل والتفاؤل لنتعلمه من ذكرى الهجرة النبوية الشريفة.

فهذا سراقة بن مالك يلحق بالنبي – صلى الله عليه وسلم- ليظفر بجائزة قريش مائة من الإبل، لمن يأتي برسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعندما لحق سراقة بالنبي عليه السلام، دعا عليه رسول الله–صلى الله عليه وسلم- فساخت أقدام فرسه في رمال الصحراء، ثم قال له الرسول-عليه الصلاة والسلام-: «كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى؟!. فقال سراقة كسرى بن هرمز قال نعم قال اكتب لى بها كتاب فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب له بهما كتاب وأخذه سراقة وفعلاً عاد سراقة إلى مكة المكرمة يخزل عن النبي صلى الله عليه.
والذي دفع الرسول -عليه السلام- إلى هذا القول هو إيمانه بربه، وثقته بنصره، وأمله في نصر الله للمؤمنين، وفعلاً تحقق ذلك، فى السنة الأخيرة من خلافة سيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- الذى نفذ عهد الرسول –عليه الصلاة والسلام – وأعطى سراقة سواري كسرى عندما فتح المسلمون بلاد فارس وهو يقرأ قول الله تعالى هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله.
وكان من هدى النبي صلى الله عليه وسلم أن يذكر بانقضاء الليالى والأيام والشهور والإعلام
فكان يقول فى خطبته
أيها الناس ؛ إن لكم معالم ، فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية ، فانتهوا إلى نهايتكم .
إن المؤمن بين مخافتين : بين أجل قد مضى ، لا يدري ما الله صانع فيه ؛ وبين أجل قد بقي ، لا يدري ما الله تعالى قاض عليه فيه .فليأخذ العبد لنفسه من نفسه ، ومن دنياه لآخرته ؛ ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الموت . والذي نفس محمد بيده : ما بعد الموت من مستعتب ، ولا بعد الدنيا دار ، إلا الجنة أو النار ”
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات