القاهرية
العالم بين يديك

الإنسانية الغائبة

88

بقلم ياسمين إبراهيم

في عام 2024، أطلق فيلم يسمى Under Paris يتناول قضايا بيئية مهمة من خلال قصة فتاة تنتمي إلى منظمة حماية المحيطات، تسعى لإنقاذ سمكة قرش مهددة بالموت من قبل السلطات. رغم أهمية القضايا البيئية والتحديات التي تواجه الكائنات البحرية، أثار هذا الفيلم في نفسي تساؤلات عميقة حول أولويات الإنسانية في معالجة الأزمات المختلفة.بينما نقدر الجهود المبذولة لحماية البيئة والحيوانات المهددة بالانقراض، لا يمكننا تجاهل الواقع المأساوي الذي يعيشه الأبرياء في غزة وفلسطين. في الوقت الذي نتابع فيه مشاهد الإنقاذ المثيرة لسمكة قرش، هناك أطفال وعائلات في غزة يواجهون ظروفًا قاسية، ويعيشون تحت وطأة العنف والحصار. حياتهم وأحلامهم تتبدد في صمت، دون أن يحظوا بنفس الاهتمام الإعلامي والإنساني الذي تناله الكائنات البحرية.لقد أصبح الحديث عن الكوارث البيئية والتغير المناخي ضرورة ملحة، ولكن هل معنى ذلك أن نتجاهل المعاناة الإنسانية الفورية والملحة؟ لماذا لا نرى نفس التفاعل الإعلامي و العالمي عندما يتعلق الأمر بإنقاذ أرواح الأبرياء في مناطق النزاع؟

إن الأفلام والوسائل الإعلامية لها دور كبير في تشكيل الوعي والرأي العام. قد يكون من الصعب على صناع الأفلام تحمل مسؤولية كل قضايا العالم، ولكن يجب أن نتذكر أن الإنسانية تشمل كل الكائنات، بما في ذلك البشر الذين يعانون يوميًا من أهوال الحروب والصراعات.إنقاذ حياة سمكة قرش هو عمل نبيل، ولكن علينا أن نتساءل: هل نحن نفعل ما يكفي لإنقاذ حياة الأطفال والنساء والشيوخ في غزة؟ هل نهتم بهم كما نهتم بالكائنات البحرية؟ أم أن الإنسانية أصبحت انتقائية، تُظهر تعاطفها وفقًا لما هو رائج ومرغوب إعلاميًا؟إن هذا المقال ليس دعوة للتقليل من أهمية القضايا البيئية، بل هو دعوة لتوسيع دائرة التعاطف والاهتمام لتشمل كل الأرواح المهددة، سواء كانت في البحار أو على اليابسة. يجب علينا أن نستخدم منصاتنا الإعلامية والفنية لرفع الوعي حول كافة الأزمات الإنسانية، وأن نعمل معًا لبناء عالم أكثر عدلاً ورحمة.في النهاية، الإنسانية ليست مجرد كلمة، بل هي فعل، فعل يتطلب منا الاهتمام بكل حياة مهددة، بغض النظر عن مكانها أو نوعها. لنكن صوتًا لمن لا صوت لهم، ولنحارب من أجل حقوق جميع الكائنات في الحياة والحرية والسلام.

قد يعجبك ايضا
تعليقات