القاهرية
العالم بين يديك

خير ايام الدنيا عشر ذى الحجة

201

 

بقلم حسن محمود الشريف

 

ان العشر الاوائل من ذي الحجه هى خير ايام الدنيا، ولقد جعل اللهُ لعباده المؤمنين مواسمَ للتزود بالطاعة والقُرب من الله سبحانه وتعالى؛ حيث شرَّف بعض الأزمنة على بعض ، وبعض الأمكنة على بعض؛ واستزادةً في الطاعة، وتنافسًا في فعل الخيرات، ومن ذلك الأيامُ الفاضلة العشر الأوائل من شهر ذي الحجة الذي هو مِن الأشهر العظيمة

ورد في فضل العشر الأوائل من ذي الحجة حديث رواه البخاري يقول صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام”، يعني العشر الأوائل من ذي الحجة قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:” ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء”،

ومن عظم شأن عشر ذى الحجة أن الله اقسم بها والله سبحانه لا يقسم الا بعظيم

قال الله تعالى في سورة الفجر (وَالفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر).. الليالي العشر اختُلف في تعيينها، فقيل هى العشر الأواخر من رمضان، كما في رواية ابن عباس، وقيل العشر الأول من المحرم كما في رواية أخرى عنه، وقيل هى العشر الأول من شهر ذي الحجة، وهو القول الراجح،

ولقد تكلم أهل العلم في المفاضلة بينها وبين العشر الأواخر من رمضان، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما ذهب إليه بعض المحققين من أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان الأخيرة، وليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة جمعاً بين النصوص الدالة على فضل كل منها، لأن ليالي العشر من رمضان إنما فضلت باعتبار ليلة القدر وهي من الليالي، وعشر ذي الحجة إنما فضلت باعتبار الأيام، ففيها يوم النحر ويوم عرفة ويوم التروية.

 

وهي الأيام المعلومات في قول الله: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ). (الحج: 28

وقد ذكر القرطبي حديثًا عن جابر أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ذلك. عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما مِن أيّام أفضل عند الله مِن أيّام عشر ذي الحجّة”، قال: قال رجلٌ: هنّ أفضل؟ أم عدتهنّ جهاد في سبيل الله؟ قال: “هنّ أفضل مِن عدتهنّ جهاد في سبيل الله، إلاّ عفير يُعفّر وجهه في التُّراب».والعِفّير الذي يعفر وجهه بالتراب هو المجاهد في سبيل الله.

فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها، حتى العشر الأواخر من رمضان. ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل لاشتمالها على ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وبهذا يجتمع شمل الأدلة. انظر تفسير ابن كثير

وشهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أعظم أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الترمذي ، وأصله في البخاري ،

وفي حديث ابن عمر : (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد .

وإنما حظيت عشر ذي الحجة بهذه المكانة والمنزلة لاجتماع أمهات العبادة فيها وهي: الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرها.

وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله – عز وجل – من العمل الصالح في غيرها.

ومن فضائل أيام العشر: أن فيها يوم عرفة الذي هو أفضل أيام الله بعد يوم النحر؛ كما أنه عيد من أعياد الإسلام، قال -صلى الله عليه وسلم- “يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام

وهي أيام أكل وشرب. رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وتفضيل يوم عرفة لأن فيه يقف الناس بعرفة للقيام بركن الحج الأعظم؛ كما أن لصيامه والذكر والدعاء فيه فضل عظيم وخير عميم؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: “سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيام يوم عرفة؛ فقال: “أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والآتية”(رواه مسلم)؛ كما أن الله يعتق في هذا اليوم من رقاب عباده ما لا يعتق في غيره من الأيام؛ كما روت عَائِشَة -رضي الله عنها-: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: “مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ”(رواه مسلم)، يقول النووي -رحمه الله-: “فهذا الحديث ظاهر الدلالة في فضل يوم عرفة”.

ومما يؤكد على فضل هذه العشر: أن فيها يوم النحر، وهو العيد الأكبر وأفضل أيام السنة؛ لاختصاصه بكثير من الشعائر والطاعات؛ ففيه تُراق الدماء تعظيما لرب الأرض والسماء، ولا تذبح الضحايا والهدايا قبله، قال -سبحانه وتعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[الكوثر:2].

ومن فضائل أيام عشر ذي الحجة -أيها الأحبة- اجتماع أمهات العبادات فيها؛ ولا ريب أن هذه المزية لم يشاركها فيها غيرها من أيام العام؛ كما رجح ذلك الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بقوله: “والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره”.

فشمِّر عن ساعدي الجد، واجهد واجتهد؛ فمن عرف ما يَطلُب، هان عليه ما يَبذُل.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ييسر لنا ولكم الحج والعمرة والزيارة وان يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا
تعليقات