القاهرية
العالم بين يديك

مراجعة رواية جرائم الغراب السبع

142

كتبت/ سالي جابر

الكاتب: خالد أمين
طبعة 2024
دار دوِّن للنشر والتوزيع.
عدد الصفحات: 303

رواية تندرج تحت أدب الرعب والجريمة.
استخدم الكاتب اللغة العربية الفصحى، حتى الحوار بين الأشخاص كان فصيحًا، لكنها تحتاج إلى التدقيق اللغوي .
تعددت الشخصيات داخل الرواية، ولكل شخصية بعد نفسي تستطيع معرفته من خلال القراءة.
هي رواية تأخذك لعالم بعيد عن العوالم الخارجية، وتُحدثك هل أنت نفسك الحقيقة أم ليس لها وجود، هل ما يدور حولك مجرد أحلام يقظة أم هلاوس أنتجها عقلك اللاوعي للخروج من مأزق أو للبحث عن حل مشكلة !
ربما أبرز الشخصيات كانت رنا ومازن ود. مصطفى هيكل وهو طبيب نفسي يعاني من مرض تعدد الشخصيات .

تبدأ الرواية بيوسف عامل توصيل الطعام الذي يذهب إلى فيلا في التجمع في ليلة رأس السنة، فتى في ريعان شبابه متحمس للعمل من أجل الزواج من محبوبته، لكن حياته تنتهي عندما يطرق باب الفيلا ويُفتح له، لقد سمع صرخة مكتومة تنبأ بما يجري خلف الباب، لقد رأي في عيني القط المتلصص ما يدعوه للهرب والنجاة بنفسه، لكنه كان متحمسًا وإثر ذاك الحماس مات من هول ما رأي بالداخل.
أما عن مازن / رنا فربما هما شخصية واحدة، الشخصية الناجية من جريمة ليلة رأس السنة تتبين مع الأحداث أنهما ليسا شخصًا واحدًا، يجلس مغطى الوجه بقماش أبيض على سرير في مصحة نفسية وأمامه طبيب نفسي يحاول أن يفهم منه ماذا جرى وهل هو القاتل أم لا؟

حينما تتخطى السطور لتقترب من الحقيقة وتفهم من الجاني، تأخذك كلمات الكاتب إلى جزء كان مفقودًا ثم تبدأ رحلة البحث من جديد، ويأخذك د. مصطفى إلى أغوار النفس البشرية ويفتح أمامك العديد من العقد النفسية والمتلازمات والاضطرابات لتضع نقطة وتبدأ أنت من جديد مع رنا التي تحاول فهم ما حدث لها، رنا الفتاة الجميلة الرقيقة التي عاشت حياة كاملة داخل عقلها، في كل عدة خطوات تتبين أن أفكارها كانت هلاوس وهذاءات إلى أنها تحاول جاهدة أن تفهم هب كانت في مصحة فعلًا ؟ وهل د. مصطفى حقيقي أم قصة داخل عقلها، تستعين بأناس آخرين وتحاول الاطمئنان لهم؛ فعندما تكتشف أن سنين عمرك كانت غير حقيقة ربما تخاف من حياتك القادمة، تريد كشف سر الرجل ذو القناع الأبيض، بينما كان يريد هو كشف سر الغرفة المغلقة، كلاهما يبحث عن ضالته.
وتذهب إلى الصحراء حيث بناية مجهزة للحياة و معمل لطبيب حائز على جائزة نوبل في التحكم في العقل البشري( الطبيب مصطفى هيكل) وينتهي بها الحال وهي تتركه بعد أن روى ظمأ نفسها البشرية بالمعلومات التي تريدها، ثم ترحل ويعود القط المتلصص ويدخل المبنى، ذاك القط الذي رأى الجرائم كاملة.

من ضمن الأحداث تكتشف معاناة الطبيب مصطفى وهو يحاول أن يثبت لنفسه القوة التي افتقدها حين مقتل أسرته أمامه دون القدرة على الدفاع عنهم، وأنه يحاول معرفة من الجاني ومن الضحية ويحاكم الجاني بنفسه من خلال تجاربه على العقل البشري بطمس هويتهم، هو يرى أن هذا هو أسوء أنواع التعذيب التي يتعرض لها المرء، بعدما يمر الشخص بصدملت حياتيه تفقده صوابه، تحوله لآخر تمده بقوة عجيبة للأخذ بالثأر وهذا كان دور د. مصطفى لتحويل الجاني لدُمية يحركها كيفما شاء وقتما شاء، كان يرى أن الموت راحة لهم وأن التعذيب بطمس الهوية هو أشق عذاب عندما لا تعرف من أنت وتقتنع أن شخصية وهمية في رأس أحدهم !

– لكن هل ما تتحدث به نظريات علم النفس يجعلك تستطيع التحكم في عقل الشخص وطمس هويته !
– هل للشخص القدرة الكاملة على عقاب الآخرين ؟
– من له الحق في التلصص عليك وملاحقة أفكارك وأحلامك؟

كل نظريات علم النفس تساعد الشخص على فهم ذاته، ولا يمكن لأحد التحكم في عقل غيره طالما لم يكن هشًا ولم يسمح له من الأساس، وليس من السهولة ذلك، رغم أن الرواية تجعلك تتعاطف مع د. مصطفى إلا أن غسيل الدماغ شيء والتحكم في العقل البشري كما ذكرته الرواية شيئا آخر.

بعض الاقتباسات:

” فقط تذكروا أن الحقيقة دومًا ببساطة بعيدًا عن كل التشتتات”

” قصر الذكريات هو قصر بحجم قلعة سلطان المماليك بنيته داخل عقلي، أحتفظ بتلك الذكريات داخل أروقته وعزوفه وأختبيء به وقتما شئت… وهو قدرة على التواصل مع اللاوعي عن طريق العيال. لاستشعار ذكرياتك كأنها أشياء تحدث حقًا، وبالتالي فإن الإنكار لم يتمكن مني، آلية دفاع ممتازة للهروب من الحزن والألم”

” الخيال هو النوع الجميل دومًا من الجنون”

” هناك دائمًا دافع حتى في الجنون”

” كل ليلة وضحاها، يحلق أحد الغربان .. كل ليلة وضحاها يسقط أحد الغربان…كل ليلة من الليالي السبع سبحلق كل الغربان معًا”.

قد يعجبك ايضا
تعليقات