متابعة عبدالله القطاري من تونس
عمر الخيام
شاعر فارسي وعالم رياضيات.
قال الكاتب و الروائي الأمريكي “فيتزجيرالد” عن شعر الخيام -الذي كان قد مر عليه آنذاك نحو 800 عام- : إنه شعر معجز في معانيه التأملية وإيقاعاته الموسيقية.
وقد أبدعت كوكب الشرق ام كلتوم في غناء هذه القصيدة، معتمدة على ترجمة أحمد رامي ابو شادي مما زاد من شهرتها لدى العرب.
وتتميز القصيدة بنظرة تأملية عميقة، لكن يلاحظ انها تنتقل من النقيض إلى النقيض. ففي ابيات بعينها يكون الشاعر مؤمنا اشد الإيمان، وكأنه سيموت غدا، وفي أخرى يكون شاكا متمسكا بحظه في الدنيا، وكأنه يؤمن ان لا حياة بعدها، او ليس ذلك حال الإنسان في نهاية المطاف؟ فهو من حيث العمق حائر ومتقلب وتائه، وقد عكس الشاعر احواله المتباينة في قصيدته هذه.
سمعتُ صوتاً هاتفاً في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املأوا كأس المنى
قبل أن تملأ كأسَ العمر كفُ الَقَدر
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان
غَدٌ بِظَهْرِ الغيب واليومُ لي
وكمْ يَخيبُ الظَنُ في المُقْبِلِ
ولَسْتُ بالغافل حتى أرى
جَمال دُنيايَ ولا أجتلي
القلبُ قد أضْناه عِشْق الجَمال
والصَدرُ قد ضاقَ بما لا يُقال
يا ربِ هل يُرْضيكَ هذا الظَمأ
والماءُ يَنْسابُ أمامي الزُلال
أولى بهذا القلبِ أن يَخْفِقا
وفي ضِرامِ الحُبِّ أنْ يُحرَقا
ما أضْيَعَ اليومَ الذي مَرَّ بي
من غير أن أهْوى وأن أعْشَقا
أفِقْ خَفيفَ الظِلِ هذا السَحَر
نادى دَعِ النومَ وناغِ الوَتَر
فما أطالَ النومُ عُمرأ
ولا قَصَرَ في الأعمارَ طولُ السَهَر
فكم تَوالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامْشِ الهُوَيْنا إنَّ هذا الثَرى
من أعْيُنٍ ساحِرَةِ الاِحْوِرار
لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنون
واغْنَمْ من الحاضر أمْنَ اليقين
فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غداً
وماضٍ من أُلوفِ السِنين
أطفئ لَظى القلبِ بشَهْدِ الرِضاب
فإنما الأيام مِثل السَحاب
وعَيْشُنا طَيفُ خيالٍ فَنَلْ
حَظَكَ منه قبل فَوتِ الشباب
لبست ثوب العيش لم اُسْتَشَرْ
وحِرتُ فيه بين شتى الفِكر
وسوف انضو الثوب عني ولم
أُدْرِكْ لماذا جِئْتُ أين المفر
يا من يِحارُ الفَهمُ في قُدرَتِك
وتطلبُ النفسُ حِمى طاعتك
أسْكَرَني الإثم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رَحمَتِك
إن لم أَكُنْ أَخلصتُ في طاعتِك
فإنني