القاهرية
العالم بين يديك

المجد لتونس

264

عبدالله القطاري

بقلم/الأميرال كمال العكروت من الهوارية تونس.
بسم الله الرحمان الرحيم
“وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الذّينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون”

لا يسعني إلا أن أذكّر بمناسبة عيد الشهداء بما قدّم رجال تونس ونساؤها من تضحيات جسيمة. لقد قدّموا أرواحهم الطاهرة الزكيّة فداءَ لعزّة الوطن وذودا عن حماه وإيمانا منهم أنّ الدفاع عنه واجب مقدّس على كلّ حرّ من أحراره وأنجبوا جيلا لا يهاب الموت ولايخشى المحن، استطاع أن يحمل المشعل من بعدهم ليحمي كل شبر من هذا الوطن وتعلم تأدية الواجب وتلبية النداء دوما وفي أيّ لحظة من الزمن.

ألا يجب أن يكون شهداء تونس وكل المناضلين الأحرار مصدر إلهام وقوّة بالنسبة إلينا وأن نقتدي بقوتهم وبنبل تضحياتهم؟ ألم يحن وقت مداواة الجراح؟

لقد ذقنا طعم الظّلم والمحسوبية واللامساواة تحت أنظمة متغيّرة دون أن يتغيّر حالنا طيلة سنوات بسبب بيع الأوهام من أغلب الذين مروا بسدّة الحكم.
ولأنّ لكلّ مرحلة شعارات، فلقد انتقلنا من شعار حماية الدّين إلى استرجاع الدولة المدنية ثم إلى بناء الدولة القوية والعادلة ووصلنا أخيرا إلى تطهير الدولة!
لقد حكموا بالأغلبية وبالتحالفات الحزبية وبالحكم الواحد والسلطة الفردية ولكنهم عجزوا جميعا على تغيير واقع البلاد التونسية.
لقد سعى كلهم إلى تمرير ما يضمن لهم البقاء ولكن لم يمرروا فصلا واحدا يجعل التونسيّ يريد البقاء في وطنه ويتشبث به ويحلم فيه بمستقبل أجمل له ولأبنائه .

في السنوات الأخيرة لم نجد للسياسيين نفعا ولم نجد لشعاراتهم سوى بحثا عن التأييد الشعبيّ والاستماتة على البقاء في الحكم بكل الوسائل. لقد تراجعت المقدرة الشرائية وتراجع النمو الاقتصادي، وتمّ استغلال القضاء لترهيب الخصوم وابتزازهم وفتح الطريق لمواصلة البقاء.

في ظلّ هذه الأوضاع ولأننا غير مرتاحي الضّمير ولأن وطننا يئن وشعبنا يعاني من ويلات الديون والفقر والبطالة ولأننا مؤمنون أنّنا لاننتمي إلى نفس المدرسة السياسيّة وأنه لا تجمعنا بهم اية اخلاقيات عمل سياسي، فإننا بصدد التفكير جديّا وبعمق في طرح جديد يمكن أن يأتي للتونسيين بمشروع مستقبليّ تكون فيه تونس دولة العمل والانضباط والنظام، ودولة القانون والمؤسسات و دولة الحريات واحترام حقوق الإنسان، ودولة التقدم والازدهار والأصالة والانفتاح، ودولة التسامح لا للكراهية والتشفي لا للانتقام والنقمة.
مشروع يتبنى مشاغل المواطن الحقيقية بعقلانية وواقعية تامة لأنه لدينا قناعة أنّه بمقدورنا أن نتقدّم بتونس لتكون في طليعة الشعوب لما لها من طاقات وإمكانيات وأنّه بمقدورنا رسم غد أفضل وأجمل خاصة وأنّه لا يوجد ما يبرّر بقاءنا في هذه الحالة من الركود منذ أكثر من عقد من الزمن.

“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا”

عاشت تونس حرّة منيعة أبد الدهر.

قد يعجبك ايضا
تعليقات