القاهرية
العالم بين يديك

لا ترم قفازك في وجه الحياة

277

بقلم- د.محمد منصور 

عندما تبلغ الستين ، ستلملم أوراقك وتذهب إلى منزلك في انتظار النهاية .. هذا أسوأ مايحدث للإنسان الذي ظل نحو أربعين عاماً ينزل إلى عمله كل يوم صباحاً ويعود عصراً ..
إياك أن تستسلم لهذه النهاية .
صحيح أن أغلب الناس يكونون قد تحرروا من كثير من مسؤولياتهم فالأبناء قد كبروا واستقلوا وشق كل منهم طريقه ولم تعد مسؤولاً عنهم أو تحمل همهم .
بعض الأبناء يزداد دورهم فيدفعون الأب للظل سواء من باب الشفقة أو لفرط محبتهم له . يحلون محله في شؤون الأسرة ويتصرفون في الأمور وكأنه غير موجود ظناً منهم أنه. لايجب تحميله الأعباء .
إنهم يضرونه من حيث يظنون إنهم ينفعونه . حيث يتصورون أنهم يوفرون له وقتاً أطول للراحة ، كثير من الآباء في هذا يستسلمون لهذا التغيير فتبدأ رحلتهم فعلياً نحو النهاية .
أول نصيحة أقدمها لهؤلاء هي . إياك أن تتوقف عن العمل.. التوقف معناه النهاية .. معناه الموت .. النظام الإداري في دولنا يحدد سن الستين كخط نهاية للعمل الحكومي كي يفسح الطريق للشباب ، لكن هذا لايعني أن هذا السن هو خط النهاية للحياة .. مادمت قادراً على العمل فلتعمل حتى لو صار عمرك مائة عام . أنت الآن كنز من الخبرات والعطاء فلاتحرم منها من حولك .. استمر في العمل ، أي عمل ، لايهم عائده المادي وإنما فقط للحفاظ على لياقتك البدنية بالحركة ، ولياقتك الذهنية بالتفكير في واجبات العمل الذي اخترته لنفسك حتى لو صرت بائعاً متجولاً بعد أن كنت مديراً عاماً ..
اخلع عنك ثوب العنجهية الزائفة ، فأنت الآن لاتعمل من أجل المال ولكن من أجل أن تظل مشتبكاً مع الحياة .. إذا اخترت عدم الاشتباك مع الحياة فمعناه أنك رميت قفازك واستسلمت للموت
الموت قادم لامحالة فلاتميت نفسك قبل الموت ولاتعتزل الحياة وتسلم أسلحتك في مواجهتها ، ولاتموت إلا واقفاً كالأشجار .
ممارسة الرياضة يجب أن تكون بشكل طبيعي ويومي وأقلها المشي وتوقف فوراً إذا شعرت بضيق في التنفس أو نهجان لابد أن تتناسب الرياضة مع ظروفك الصحية وتذكر أن قليل متصل خير من كثير منقطع وأنت لن تنافس في الأوليمبياد على كل حال ..
إنها فرصتك الذهبية لممارسة كل الأنشطة التي كنت تحبها وأجلتها بسبب أعباء الحياة والسعي وراء الرزق ، أنت الآن يكفيك القليل جداً سواء من الطعام أو الشراب فلاتسرف فيهما ، اشرب كوباً من الماء كل ساعتين لأن الإحساس بالعطش يقل مع التقدم في العمر ، امتنع عن التدخين أوقلله إلى الحد الأدنى فالتدخين يأكل العمر .
ستلاحظ أن نومك صار قليلاً وخفيفاً فلاتهتم هذا هو حال معظم كبار السن فلاتنزعج. ،
لاتهمل أدويتك الضرورية ، لكن لاتتعاطى أدوية لالزوم لها ، ابتعد عن المنشطات والڤيتامينات بأنواعها وتناول بدلها خضروات طازجة وفاكهة وحاذر من التخمة ، اكتسب عادة القراءة إن لم تكن مواظباً عليها من قبل ، أقرأ موضوعات مختلفة ومارس الرياضات الذهنية كالشطرنج مثلاً فهذا يبقي ذهنك صافياً ومتقداً ويبعد عن مخك الشيخوخة
قدم النصائح والإرشادات المستمدة من خبرتك لمن يطلبها لكن لاتقحم نفسك في مشاكل الأبناء والأحفاد ولاتحاول أن تفرض عليهم ماتراه فعالمهم مختلف ومشاكلهم مختلفة ، قل كلمتك وامش هذه هي النصيحة الذهبية
تحرك باستمرار ، لاتصل جالساً بل لتكن الصلاة فرصة لتحريك عضلاتك وتليينها وتذكر أن الراحة هي عدو الشيخوخة الأول ، وأن دورة الكالسيوم في العظام تتوقف إذا توقفت عن الحركة ، الحركة ستحميك من هجوم هشاشة العظام التي ترشحك للكسر – لاقدر الله – إذا تعثرت أو وقعت.
العبادة شئ جميل ، لكن لاتسرف فيها بحيث تتحول لدرويش ينتظر الموت ، فالله لايريد منا جزاءً ولاشكوراً قم بواحباتك الدينية كماكنت تؤديها دائماً ، حاول أن توفر وقتاً لاكتشاف العالم وسماع الموسيقى الكلاسيكية ومارس هوايات جديدة كالطبخ أو صيد الاسماك أو اقتناء نباتات زينة ورعايتها وجمع معلومات عنها كتدريب للياقة الذهنية .
ادخل للحمام لقضاء الحاجة كل يوم في موعد ثابت ومنتظم ، واعتمد على نفسك في احتياجاتك البسيطة كارتداء ملابسك وحلاقة ذقنك أو لبس حذاءك ، إنها فرصة لك للحركة وإبقاء عضلاتك في حالة استعداد و نشاط دائم .

إذا مرضت لاقدر الله فقلل ما أمكنك من فترة بقائك في الفراش ، لأن طول البقاء في الفراش سيدمر في جسمك حتى الأجهزة السليمة وستصبح تكلفة المرض البسيط أضعافاً كثيرة .
لاتفكر أبداً في الموت أو يوم القيامة أو إذا كنت نجحت في اختبار الحياة أو لا .. هذا ليس شغلك الآن فصحيفتك ممتلئة بالفعل فلاتحهد نفسك بالتفكير بمصيرك فأنت عبد ضعيف والله غفور رحيم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات