القاهرية
العالم بين يديك

من الذي سيدخل الجنة ؟!

820

بقلم/ د.محمد منصور
ما هذه الضجة التي يثيرها الناس كل عام بسبب رغبتهم في احتكار الجنة والنار، والتهديد المستمر لأصحاب الديانات الأخرى بأنهم لن يدخلوا الجنة التي هي وقف حصري للمسلمين فقط ولن يدخلها أو يشم ريحها غيرهم، فالجنة فيها حدائق وأنهار وأشجار وثمار في غير مواسمها وفواكه كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وحور عين كأنهن اللؤلؤ المنثور وولدان مخلدون، وأنهار من عسل ولبن لم يتغير طعمه، هذا غير أشياء ممتعة أخرى لا نعرف عنها شيئاً تضمها جميعاً مقولة ” ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
هونوا عليكم إخواني وأخواتي وتعالوا نتحدث بوجه مكشوف ودون ديبلوماسية تراعي مشاعر الآخرين الذين على غير ديننا ونقول بالفم المليان ..
نعم جنة المسلمين لن يدخلها غير المسلمين مهما بلغ صلاحهم وورعهم لأنها للمسلمين فقط ويمكن تشبيهها بعضوية النادي مثلاً، فهل رأيتم فيما رأيتم نادياً يفتح أبوابه هكذا على البحري دون عضوية وكارنيه وشروط؟!
إذن من يدخل جنة المسلمين لابد أن تنطبق عليه شروط هذه الجنة ..
وبالمقابل فإن ما نسميه جنة المسيحيين – والمسيحيون ليس لديهم جنة بالمناسبة, فالمؤمن الصالح منهم لا يدخل جنة وإنما يدخل ملكوت السموات ، ومواصفات ملكوت السموات تختلف عن جنة المسلم ، فهم فيما أظن محرومون من أنهار اللبن والعسل وتركيزهم عموماً ليس على الفاكهة والشراب ومواقعة النساء الجميلات بلا عدد ، وقد تجد لديهم أشياء غير موجودة في جنات المسلمين، ربما كان لديهم مثلاً چم للياقة البدنية وإنترنت فائق السرعة وآي فونات بلا عدد وبلا فواتير ، وربما كان لديهم قطارات كهربائية ومونوريل وتليفريك وأعلى أبراج في الجنة يطلون منها على أتباع باقي الديانات.
ولو مددنا الخط على استقامته فإننا ننبه أيضاً أن النار والجحيم وصنوف العذاب المختلفة أيضاً لن يتعذب فيها سوى العصاة المذنبين من البشر جميعاً ومن أي دين ، فبالنسبة للمسلمين النار بدركاتها المختلفة ستكون للمسلمين المذنبين .. أما أصحاب الديانات الأخرى فهؤلاء بالطبع – وقعتهم سوداء- فسيبقون في قعر الجحيم للأبد بحسب التصور الإسلامي للموضوع، أما عند الأخوة المسيحيون فالأمر ربما يكون مختلفاً ، فكما أنه ليس لديهم جنة للصالحين فإن العصاة كذلك لن يعذبوا بالنار وإنما فقط لن يدخلوا الملكوت وسيحرمون من لقاء المسيح ، مثل الطالب المطرود من المدرسة حتى يحضر ولي أمره .. لا نار بقى ولا عذاب ولا مقامع من حديد ولا أي كلام ممن نرتعب نحن المسلمين لمجرد سماعه.
اليهودية من جانب آخر أكثر واقعية فهي لا تؤمن بوجود جنات في السماء إنما تؤمن بأن الجنة كانت فيما مضى موجودة على الأرض وتحديداً شرق عدن وأن بها أربعة أنهار كبيرة من بينهم دجلة والفرات وأن هذه الجنة أغلقت بعد طرد آدم وحواء من الجنة لأكلهم من الشجرة المحرمة وهو تقريباً تصور كل الديانات الإبراهيمية ويعيش في تلك الجنة الآن الملائكة وأرواح الصالحين من البشر .
أما الهندوسية وهي ثالث أكبر ديانة في العالم بعد المسيحية والإسلام فتؤمن بتناسخ الأرواح وأن دورة الحياة تتكرر باستمرار صعوداً وهبوطاً بحسب أعمال الإنسان فإذا كان صالحاً ولد من جديد في حياة أكثر نعيماً وإذا كان غير ذلك يولد في حياة أكثر شقاءً وهكذا في كل دورة حياة يعطى فرصة جديدة في خلق جديد ليس شرطاً أن يكون إنساناً وإنما يمكن أن يولد في صورة حيوان أو حشرة أو زهرة وكل حياة تكون بناء على ما سبقها من حيوات فعدد الأرواح محدود وهي تتنقل في أشكال مختلفة بين سائر الكائنات ، والهندوس لهم أكثر من إله وفي القرن التاسع قبل الميلاد جمع الكهنة الآلهة في إله واحد هو براهما ولا توجد جنة لمن يصل إلى الكرما وهي قمة المبادئ الأخلاقية وعندها تتوحد الروح الإنسانية مع البراهما لأنهم يعتبرونها قبس من البراهما ، والجحيم عندهم مرتبط بالذنب فلكل ذنب جحيمه الخاص به فالنار ليست واحدة وهو مفهوم قريب من فهمنا أن للجنة درجات وللنار دركات وقريب من هذا البوذية والكنفوشوسية أما الصينيون فناس عمليون أكثر ولا يؤمنون بوجود حياة بعد الموت ولا بنظرية الثواب والعقاب وإنما الجزاء يلقاه الإنسان في الحياة الدنيا خيراً أو شراً دون حاجة للتفكير في يوم آخر وحسابات ووعود بملذات أو بمنغصات.
وهكذا يمكننا أن نقول أنه لا داعٍ لأن نتجادل فيما بيننا من سيدخل الجنة ومن سيعذب بالنار لأنه تصور ساذج يروجه من يتصورون أن مفهوم الجنة واحد عند الجميع ويغفلون عن أن لكل إنسان جنته التي يصنعها على الأرض أو يحلم بها بعد عمر طويل أو قصير.

قد يعجبك ايضا
تعليقات