القاهرية
العالم بين يديك

تأملات في سورة الأنبياء

131

 

بقلم سامح بسيوني

 

عندما نتدبر بإمعان سورة الأنبياء، نلاحظ بأن الله لم يذكر قوتهم، وإنما كان التذكير بمدى افتقارهم واحتياجهم لرب العالمين.

 

فكانوا دائما يتعلقون بالٱمال والأمنيات، رغم الصعاب والمشقات، فستطاعوا أن يحولوا اليأس إلى أمل والخوف إلى طمأنينة؛ لأنهم في معيته وأمنه على الدوام.

 

لذلك سيظل الأمل هو الباب الذي تتعلق به القلوب رغم المخاوف والأوهام، ففي تلك السورة تمسك أبو الأنبياء إبراهيم بالأمل رغم الشدائد والصعاب فأصبحت النار بردًا وسلامًا عليه في الحال.

 

الأمل في ذي النون يونس – عليه السلام-؛ عندما حول الظلمات إلى طاقة نور تجلت لها السماء بكل معانيها وصورها، فاهتزت السماء لهذا النداء (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فتحول الظلام إلى نور بأمر من الله.

 

ويتمثل الأمل في نبي الله زكريا – عليه السلام – عندما بلغ من العمر عتيًا، وامرأته عاقر فاي عقل يتيح له الإنجاب! ومع ذلك لم يفقد الأمل في الولد فدعا إلى الله دعاء الضرير البائس الفقير (رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين) فكان له الولد بأمر من الرحمن.

 

الأمل في أول الانبياء من قبلهم ( نوح) – عليه السلام – عندما دعا إلى ربه بأنه مغلوب فانتصر في الحال، ففتح باب السماء بماء منهمر واغرق الكافرين ونجا الله برحمته المؤمنين الموحدين له على الدوام.

 

الأمل في الصبور أيوب- عليه السلام – الذي ضرب المثل له في الصبر، فعندما طال به المرض سنوات، تضرع إلى خالقه في الحال، وبكت السماء لهذا الدعاء ( رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) فكان الرجاء والكشف من الله.

 

وتأتي طاقة أمل أخرى في لوط الأمين عندما أخرجه الله من تلك القرية الظالمة أهلها- بفعل الخبائث- فكان النجاة ومن معه من المؤمنين برحمة من الله وذكرى وعبرة للعالمين.

 

ومريم البتول التي صبرت لأمر ربها، فجاء الرجاء من الله وانطق الوليد بحوله وقوته، وبرئت من قول السفهاء وأهل الكذب والرياء.

 

فيا متدبرًا، لتلك السورة تأكد بأن الله هو الكاشف للضراء وهو الناصر للضعفاء، رغم تأخر النصر واستيأس الناس، فتمسكوا بالأمل رغم الصعاب وقلة اليد وانقلاب الزمان؛ لأن الوعد الحق اقترب بلا شك أو ريب؛ لأنه وعد من الله.

قد يعجبك ايضا
تعليقات