القاهرية
العالم بين يديك

نورهان الكون

162

سامح بسيوني
واقتربت خيوط الفجر، وتبين الخيط الأبيض من الأسود، وأشرقت الأرض بنور ربها؛ لتشعل الأمل في غد مشرق بالٱمال والوصال، فطاف خيال من نورهان فتذكرت ما مضى من زمن مليء بالبراءة يلهو على شاطيء الحب والوجدان.

فوقعت عيني على صغيرتي، فأصبحت عندي كحب بنيتي، فانجذبت لعذوبة صوتها وحكمة ولدت معها رغم حداثة سنها، فالحكمة لا تقاس بالسنين والأيام.

وذكاء منحة من الرحمن فهو تاج على رأسها يتزين بالأخلاق، فصار الخلق عندها يمشي على الأرض بلا قدم ولا ساق.

سباقة للخير، قائدة بلا ريب أو خسران، وضحكة صافية تملأ وجهها كشمس ملأت الكون بالضحكات، وحنان وعطف يملأ جوفها كشلال يسقط من أعلى بالخير والبركات.

هي المفكرة الصغيرة تخرج من كل موقف بكلمة ترضي القلب، فتجعلك تنسَ ما وقر في القلب من غضب ويتحول إلى رضا في الحال.

هي الأجمل خلقًا وسط رفيقتها والعفاف زينة لها من فتن الحياة، هي ضحى الشمس عند حميتها والدفء عند برودة الأيام، والجو مليء بالأمطار.

الإخلاص فيها رغم الغدر وخيانة الأيام، والمروءة والكرم والجود ميراث من اجدادها فهي بنت الكرام.

اذا وطئت أرضًا حلت البركات، بوجودها الحب يظللنا، وبغيابها نبحث عنه في بئر عميق القاع والأعماق.

ودارت الأيام سريعة، فكبرت صغيرتي فأصبحت في مرحلتها الإعدادية، وكان بالأمس القريب طفلة تمرح وتلعب بلا خجل ببراءة الأطفال، وتعلو على وجهها ضحكات تريح القلب والنفس في الحال.

فأنا الآن أودعها بعدما مضى نصف عام دراسي، ولم يتبقَ سوى نصف اخر من الزمان، فوادعها وداع للذكريات والأحلام.

عشت معها حين من الدهر، فكانت تلميذةً وفيةً تسأل عني كلما غبت عنها ، فصرت لها أبًا؛ تتعلم مني بحب ووداد.

سأظل أذكركِ يا نور الكون بالخير، فأنتِ حديقة مليئة بالورود والزهور والأغصان.

ودائمًا أذكركِ بوصيتي بأن تسألي عني ولا تنشغلي عني بالحياة، وكوني أنتِ النور في ظلمة الأيام.

فيا طيف نورهان، طل دائمًا في كل ليلة، ولا تحرمنا من بسمة ترسل في نفسي الأمل والوجدان.

أيها الطائف، كن رمزًا للجود والعطاء،. فأنتَ المؤنس في وحشة الحياة وقسوة الزمان والأيام، فكن سراجًا للكون يضيء لها حلاوة الأيام ويزيح عنها مرارة العيش وظلمة الليالي، وسوء المعاملة وغدر الزمان.

قد يعجبك ايضا
تعليقات