القاهرية
العالم بين يديك

هذيان

122

براءة الأيوبي

أدري أنّي في عالمي لا أملك سوى الهذيان.
أبحر هنا وهناك… أبعثر ذاتي، ألملم أشلائي، وأعود من حيث بدأت.
أعلم أن بين نبضي تغفو هواجسي… تتربّص بي، تقتحم عليّ خلوتي، وتغرس أنيابها في ضعفي.
أدرك بعمق أنّي إلى الخيال أنتمي… وفي فضاءٍ بعيد عن واقعي، أتبختر، وأراقص النجوم.
في أعماقي تراث عريق للقلق… وحضارة عمرها عقود من المخاوف. وفي سكوني، تستوطن زفرات حرَّى، وحكايةُ وَحدةٍ مستوحاة من أدبيات العصر الخريفيّ.
سجينةُ الترقّب أنا…
بين عروقي يسري هذياني. أراني أقف عند محطة الانتظار… أرقب المُقبِل والمغادر، وألوّح بيدي لأطياف تحمل بين حقائبها أحلامي، وترتحل….
يشبهني الخريف…
بتقلباته، بتردداته، بحزنه الصامت، وهطله الرقيق…
يشبهني، بارتعاشة وريقاته الذابلة، بهذيانه، وجنونه…
أراه في سَكَناتي يترقرق عَبراتٍ بين الأوردة، ويتمثَّل ابتساماتٍ هزيلة على أنسجة الروح.
كم ذاتي منهكة!!!
كل يوم، يحمل إليّ الكثير من التقلبات، والدهشات… والمزيد من البراكين الملتهبة، وحبات المطر الحزين… فأغدو، في حضرة الحنين… تلك الأنثى المدلّلة، التي أتت بجنونها وجموحها، لتخطَّ هواجسها خربشات على ضفاف الصمت، وتعبر نحو الحلم بمركبٍ من كلمات.

قد يعجبك ايضا
تعليقات