القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كأس الأمم الأفريقية 1990

225

محمد زغله
قبل يومين من انطلاق الحدث الأفريقي الكروي الأهم، وقبل ساعات من السفر إلي الجزائر، خرج رئيس المجلس الاعلي للشباب والرياضة بمفاجأة كبري… مصر تعتذر عن المشاركة في البطولة!
دعونا نعود للخلف قليلاً، فقد أعلن محمود الجوهري المدير الفني للمنتخب المصري الذي تأهل لكأس العالم لأول مرة بعد 56 عاماً علي حساب الجزائر، أنه غير راغب في المشاركة في البطولة الأفريقية التي تقام قبل ثلاثة أشهر من المونديال، وبرر ذلك بأنه وضع برنامجاً اعداديا متدرجاً للتمثيل المشرف في ايطاليا، وأنه من المستحيل أن يصل المنتخب إلي ذروة المستوى المطلوب في مارس ثم في يونيو.
ولحل هذه المعضلة قرر الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة حسن عبدون المشاركة في البطولة بالمنتخب الاولمبي، الذي يقوده المدرب هاني مصطفى ويستعد للمشاركة في تصفيات دورة الالعاب الاوليمبية المقرر اقامتها في برشلونة عام 1992.
قدم هاني مصطفى قائمة أولية بأربعين لاعباً تم ارسالها للاتحاد الأفريقي في يناير 90، ثم بدأ معسكراً مغلقاً لفريقه شمل السفر للخليج للعب مباريات ودية في قطر والامارات، بهدف الاستعداد للعب دور البديل لمنتخب الجوهري العالمي الذي كان في ذات التوقيت يخوض ثلاث مباريات ودية في القاهرة مع الدانمارك وكوريا الجنوبية والنمسا.
كان أداء المنتخب الأولمبي الذي تحول الي منتخب افريقي هزيلاً، فخسر من المنتخب القطري بهدف من عيسي احمد، وتعادل مع نظيره الاماراتي، وبات واضحاً أنه يصعب تصور أن ينافس في هذه البطولة، التي خرج المنتخب الاول في دورتها السابقة من الدور الاول رغم كونه حاملاً للقب.
أنهى الفريق الأولمبي معسكر في دار المدرعات، وتأهب للسفر صباح الاربعاء 28 فبراير ، لكنه تلقى تعليمات بأن السفر قد ألغى فرحل لاعبوه الي منازلهم.
ونعود هنا إلي نقطة البداية، فقد عقد رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة مؤتمراً صحفياً أعلن فيه أن مصر لن تشارك في البطولة، وأوضح أن نية الاعتذار عن المشاركة كانت قائمة منذ فترة في ظل التوتر الموجود لدى بعض الجماهير الجزائرية، وأن قرار الاعتذار ليس ارتجاليا وانما كان مقصودا ومحسوبا، أملا أن يساعد مرور الوقت علي تهدئة النفوس، ويهدف إلي الحرص على سلامة أعضاء البعثة من أية ظروف أو أحداث بسبب التوتر لدى الجمهور الجزائري، والحفاظ على العلاقات مع الجزائر، والعمل على ضمان نجاح البطولة، وأعلن أنه سيوفد يوسف زين رئيس جهاز الرياضة إلي الجزائر لشرح الموقف.
زين صرح قبل السفر للصحفيين بأن قرار الانسحاب اتخذ في ضوء توصية من السفارة المصرية بالجزائر لغياب الضمانات الأمنية الجزائرية، والاهانة التي تعرض لها المصريون في الجزائر عقب مباراة نوفمبر 89، والمضايقات التي استهدفت منتخب التنس الذي واجه الجزائر في كأس ديفيز في فبراير 90.
حسين مدكور وكيل اتحاد الكرة، تبرأ من القرار، وأكد أنهم لم يصدروه، وأن رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة هو صاحبه، وأنه قرار سياسي محض، وبالتالي فلا يمكنهم التعقيب عليه.
الناقد الرياضي عبد الرحمن فهمي في جريدة الجمهورية وصف القرار بأنه ( فضيحة وجريمة في حق مصر)، تسيئ إلي سمعتها ومكانتها كدولة رائدة في القارة الافريقية ودول العالم الثالث، وأضاف أن الانسحاب يعكس غياب فهم الرياضة الحقة، وانه لم يسبق لأي من الدول الافريقية التي شاركت في كأس العالم الاعتذار عن البطولة الافريقية الاهم.
الناقد الرياضي عبد المجيد نعمان في جريدة الاخبار انفرد بقصة تبرئ جمال الدين من الاستئثار بالقرار، وذكر أنه اجتمع بالمكتب التنفيذي لاتحاد الكرة واتصلوا بهاني مصطفى مطالبينه بالتعهد بتحقيق مركز متقدم في البطولة، فرفض وقال ان المنتخب الاول لا يمكنه التعهد بذلك، وطلب تعزيز الفريق بأربعة لاعبين من المنتخب الاول لا يدخلون في حسابات الجوهري هم طارق يحيي وحمادة صدقي ومصطفى ابو الدهب وعماد صلاح، إلا أن الاتحاد الأفريقي رفض ضم أي لاعب جديد لم تضمه القائمة الاولية. ونتيجة لهذا قرر جمال الدين والاتحاد الاعتذار عن المشاركة، حفاظاً علي سمعة الكرة المصرية.
القرار كان له أصداء عنيفة، لا سيما في الجزائر التي اعتبرته محاولة لافساد البطولة التي تستضيفها للمرة الأولى، وطالبت الصحافة بتوقيع عقوبات شديدة علي مصر ، وصلت إلي حد مطالبة الفيفا بحرمان مصر من المشاركة في كأس العالم، ونقل مقر الكاف من مصر، ونقلت تصريحات سابقة لعيسي حياتو رئيس الاتحاد الافريقي بأن المشاركة بالفريق الاولمبي في اهم البطولات القارية يتطلب عقابا، فما بالك بالانسحاب منها قبل يومين من الافتتاح.
باءت مهمة رئيس جهاز الرياضة في الجزائر بالفشل، لدرجة أن حسن المستكاوي كتب في الأهرام أن ( يوسف زين الذي سافر ليقنع الجزائريين، عاد مقتنعاً بموقف الجزائريين)، وهو ما دفع رئيس المجلس الأعلى للسفر بنفسه إلي الجزائر ليصطدم بالواقع ويكتشف أن تقدير ردود الأفعال كان أقل بكثير مما سيحدث، فالمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي ناقش اصدار عقوبات مشددة علي مصر، تتضمن غرامة مالية كبيرة، وحرمان المنتخب والأندية من المشاركة في بطولات الاتحاد لمدة عامين، وعلي الرغم من لقاءات جمال الدين مع المسئولين الجزائريين والأفارقة، إلا أن الوضع استمر في التصاعد بتدخل رئيس منظمة الوحدة الأفريقية، الذي وجه رسالة للرئيس مبارك طالبا تدخله لعودة المنتخب المصري للبطولة التي لم يتبق علي انطلاقها سوى 24 ساعة.
يوم افتتاح البطولة، كانت الأحداث تصل إلي ذروتها بعد صدور قرار من رئيس الجمهورية بالمشاركة، واستدعاء لاعبي المنتخب إلي دار المدرعات، ليسافروا إلي الجزائر بطائرة خاصة، وفي المقابل وافق الاتحاد الأفريقي علي تأجيل مباراة مصر الأولي أمام كوت ديفوار لمدة يوم، وكذا السماح بقيد 4 لاعبين جدد لدعم الفريق.
قفز الموضوع إلي صدارة الشأن العام في مصر، حتى أنه تصدر صفحات الجرائد في يوم الثالث من مارس، وعنونت الجمهورية صفحتها الأولي ( نلعب في الجزائر استجابة لأفريقيا… بعد اجتماع صدقي وعبد المجيد وعبد الاحد وسفير الجزائر ) في اشارة الي رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
جمال الدين أعلن في مؤتمر صحفى أن الأخوة في الجزائر تفهموا الموقف المصري، وتعهدوا بتوفير الحماية الكاملة للفريق، وهو ما لقى ترحيبا من السلطات المصرية التي اتخذت قرارها بالمشاركة.
علي الجانب الأخر، اعتبرت صحيفة الشعب الجزائرية أن ما حدث كان ( تمثيلية مصرية) تستهدف الحصول على ضمانات أمنية من السلطات الجزائرية، ودللت على ذلك بتباطؤ الاتحاد الأفريقي في اتخاذ قرار لحين تراجع المصريين عن قرارهم.
تباينت تغطية الاعلام المصري ( الصحافة) عبر ساعات الأزمة، فمن نقل لأخبار سفر المنتخب الاولمبي صباح الاربعاء، الي تغطية المؤتمر الصحفي لاعلان الاعتذار وتبريره بأسباب رسمية، والتهوين من العقوبات، إلي جهود وساطة ومبالغة في العقوبات، إلي حالة ارتياح بالمشاركة الاستجابة لمطالب الاخوة والاشقاء
وصبيحة انطلاق البطولة، كان هاني مصطفى يرسل قائمة فريقه النهائية التي تضم:
حراسة المرمي: ثابت البطل(الأهلي)، اسلام يوسف(الترسانة)، باسم خيرت(الشمس)
خط الدفاع: حمادة صدقي (الاهلي)، حازم سمير( الزمالك)، مشير حنفي(الأهلي)، هشام ابراهيم(الزمالك)، محمد سعد(الأهلي)، محمد سعد شحاته(المقاولون)، فوزي جمال(الاسماعيلي)، نبيل محمود(الزمالك)
خط الوسط: طه السيد(المحلة)، ياسر ريان(المنصورة)، عبد الحميد فتح الله(الأهلي)، ايهاب جلال(الشمس)، اشرف ابو الوفا(السويس)، عصام مرعي (المقاولون)
خط الهجوم: طارق يحيي وعماد صلاح (الزمالك)، عبد العظيم الشورى (المحلة)، طلعت منصور(المصري)، عادل عبد الرحمن(الأهلي)، احمد حموده(الأهلي)
وبالتالي تحول الفريق الأولمبي إلي فريق مطعم بلاعبين دوليين سابقين، وصفه الناقد ( نجيب المستكاوي) بأنه تحول إلي فريق ( سمك لبن تمرهندي)، وكان مطلوباً منه صعود جبل شاهق، وتحقيق نتائج جيدة في مجموعة تضم إلي جواره منتخب الجزائر صاحب الأرض، ونيجيريا، وكوت ديفوار.

قد يعجبك ايضا
تعليقات