القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

حتمية الجهاد.. في فلسطين

150

القاهرية

أمن مصر القومي يبدأ من حدودها الشرقية وليس من داخل البلد نفسه، وإلا فكيف يأمن المصريون على أنفسهم وإلى جوارهم في فلسطين دولة قوية معادية؟!.. العقل يؤكد أنه من المتوقع جداً أن تنتهز هذه الدولة المعادية أي فرصة ضعف، وتجتاح مصر من شرقها، وستأخذ سيناء في أيام معدودات، وتهدد مصر في عمقها، فلابد إذن من إضعاف الجيش المعادي الرابض في فلسطين، إما بقتاله هناك، أو بمساعدة من يقاتلونه هناك.. هذا هو التفكير العقلي والمنطقي..
وجاء وقت إعداد الخطة، ووضع الخريطة لتحرك الجيش..
واجتمع قطز مع المجلس العسكري لبحث أفضل طريقة لحرب التتار، وليبحثوا توفير أفضل ظروف لتحقيق الانتصار..
وقام قطز رحمه الله بإلقاء بيانه الذي يوضح فيه رأيه في الخطة العسكرية.. وبمجرد أن ألقى برأيه، قام المجلس ولم يقعد!.. لقد أحدث رأي قطز دوياً هائلاً في المجلس العسكري!!..
ماذا أراد قطز رحمه الله؟
لقد أراد قطز رحمه الله أن يخرج بجيشه لمقابلة جيش التتار…. في فلسطين!..
لقد قرر ألا ينتظر في مصر حتى يأتي التتار إليه، بل يذهب هو بجيشه لمقابلتهم..
واعترض أغلب الأمراء.. لقد أراد الأمراء أن يبقى قطز في مصر ليدافع عنها.. فمصر ـ في رأي الأمراء ـ هي مملكته، أما فلسطين فهي مملكة أخرى!!.. لقد نظر الأمراء إلى القضية نظرة قومية بحتة.. بمعنى أنه لو لم يدخل التتار مصر فإننا نكون قد تجنبنا لقاءً دموياً هائلاً.. أما إذا ذهبنا نحن إليهم فلا خيار حينئذ سوى المعركة..
أما قطز رحمه الله فكانت نظرته أوسع من ذلك..
وبدأ قطز رحمه الله يناقش الأمراء ويشرح لهم مزايا خطته، وأبعاد نظرته، وأهداف الحرب في رأيه، ومهمة الجيش في اعتقاده.. لقد أفهمهم قطز رحمه الله حقائق غابت – ولمدة سنوات طويلة ـ عن أذهان الكثيرين منهم..
من هذه الحقائق:
من الأفضل عسكرياً أن ينقل قطز المعركة إلى ميدان خصمه، فإن ذلك سوف يؤثر سلباً على نفوس أعدائه، كما أنه سيوفر له خط رجعة آمنًا إذا حدثت هزيمة للجيش المسلم، أما إذا حدثت الهزيمة للجيش المصري المسلم في داخل مصر، فإن ذلك سيفتح الطريق أمام العدو إلى القاهرة..
من الأفضل عسكرياً كذلك أن يمتلك المسلمون عنصر المفاجأة، فيختارون هم ميعاد المعركة ومكانها بدلاً من أن يختار العدو ذلك، والمسلمون إذا فاجئوا عدوهم فإن هذا يعطيهم أفضل الفرص للنصر، لأن الجيش المعادي لن يكون مستعداً الاستعداد الكافي، هذا إلى جانب الهزيمة النفسية التي ستلحق به..
(وهذه نقطة هامة جداً) أن للمسلمين في مصر دوراً هاماً ناحية إخوانهم المسلمين في فلسطين وفي سوريا وفي لبنان وفي العراق وفي أفغانستان وفي أذربيجان وفي الشيشان… ولا يستقيم أن تُقام المذابح للمسلمين في تلك البلاد، وتُنتهك الحرمات، وتُهدم الديار، ولا يتحرك المسلمون في مصر.. إن حركة المسلمين في مصر لنجدة إخوانهم في فلسطين وغيرها ليست فضلاً أو نافلة، إنما هي فرض عليهم.. وليست فرض كفاية، إنما فرض عين.. لقد دهم العدو فعلاً أرض فلسطين فتعيّن القتال على أهلها لدفعه، فإن لم يكفِ أهلها للقتال تعيّن القتال على من جاورهم من الأقطار الإسلامية، أي مصر والأقطار الأخرى المجاورة مثل سوريا والأردن ولبنان، فإن لم يكفِ أهل مصر والأقطار الأخرى تعيّن على الأقطار الأبعد… وهكذا، حتى لو احتاج القتال لكل مسلم على وجه الأرض..
القضية خطيرة جداً..
انتهاك حرمات المسلمين في بلد ما، وسكوت المسلمين في البلاد الأخرى عن هذا الانتهاك جريمة كبرى، ومخالفة شرعية هائلة.. ولذلك فإن قطز رحمه الله سيذهب لنجدة أهل فلسطين وسوريا وغيرها، حتى لو لم يفكر التتار أصلاً في غزو مصر..

قد يعجبك ايضا
تعليقات